بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

قراءة في مصطلح " آيات الله " في القرآن ـ الحلقة الأولى ـ الشيخ والمفكر الاسلامي محمد حسني البيومي الهاشمي



قراءة في مصطلح " آيات الله " في القرآن
الشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي الهاشمي

بسم الله الرحمن الرحيم
البحث والمصطلح

الحلقة الأولى

ــ الحواميم هم آيات الله : عليهم السلام

: انه من الأهمية واستكمالا لمبحثنا في مصطلح ــ الحواميم ــ أن نتناول مبحثا جديدا لاصطلاح جديد هو مصطلح ــ آيات الله ــ في القرآن ، ورأينا وفقا لمحتوى الآيات الدالة على المصطلح أن يكون تناول هذا المصطلح القرآني من خلال السور السبعة المباركة والتي ابتدأت بالحواميم في فواتحها ، وهي : سورة غافر ، فصلت ، الشورى ، الزخرف ، الدخان ، الجاثية ، الأحقاف । وذلك لارتباط مفردات المصطلحين عبر الآيات ببعضها بعضا ، وبتوفيق الله رأينا أن نبدأ بالتخصيص في قرائننا لهذا المصطلح المغيب عن واقعنا التفسيري بالعموم ،

لنقول بأن مصطلح " آيات الله" : هو
المعجزة المتواصلة من قلب القرآن ॥ والغوث الإلهي النوراني عبر آياته ومفرداته॥وفي قرائتنا لجوانب المصطلح سنرى انه يتجسد قرآنيا في حالة موحدة من الإعجاز تمثلت في الامتزاج العجيب بين المفردات والمصطلح .. وللأسف ذهب الاتجاه التفسيري العام لإطلاق المفردات القرآنية

التو صيفية علي ــ المصطلح ــ بعيدا عن مكنونه وغاياته.. وهوا لذي يكمن فيه جوهر المعاني القرآنية .. ولذا كان اختيارنا لكلمة المصطلح ، لخلق حالة من التمييز بين التوصيف والجوهر .. وفي اعتقادنا أن المصطلحات القرآنية هي التي يكمن فيها السر القرآني والعطاء الإلهي المختزن .. وهذا هو سر القرآن الكريم في بساطته وعمق مصلحاته التي أعجزت العقل العربي والفصاحة العربية.. ومفرد المصطلح هي في الأصل قرآنية العمق مصدرها : الصلاح .. ولهذا كان القرآن في حقيقته سرا في سر . ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم . و " الراسخون في العلم "كمصطلح قرآني هم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والولي الإمام عليه السلام .. ولهذا سمي الإمام الولي عارفا بالله وكان آية في الإعجاز البلاغي ، وبحرا من العلم اللادني الموصول بالله .. ومن هنا سمي الأئمة عليهم السلام آيات ". وفي القرآن
" آيات الله " .. ولهذا كانت لقراءة المصطلح أهمية خاصة في قراءة الوعي القرآني ، أو قراءة حالة الغيب عبر الوصال والعرفان بالله تعالي ومعارج الوصول إلى سبيله .. ولهذا جعل الله تعالي طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام مع طاعته تعالى .. وهو المثبت في قوله تعالى : " وأطيعوا الله ورسوله و " أولي الأمر منكم " وأولي الأمر : هو مصطلح دال أيضا على إثبات حالة التلقي من الله والرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو بالتخصيص من عالم الأمر الإلهي.. ولهذا تكون الطاعة للإمام عليه السلام هي من عالم الأمر وبدونها لا يكتمل مفهوم الطاعة من حيث الجوهر والمصطلح .. ولهذا كان الأئمة عليهم السلام آيات وقرآن في ذات الإنسان أو كما كان يرمز لأمير المؤمنين علي عليه السلام بأنه قرآن يمشي على الأرض..فهو والأئمة من ذريته المطهرة عليهم السلام معجزات مخصوصة من آيات الله تعالى فهم معصومون مطهرون بنص القرآن . وهذه الحالــــة المعجزة .. وهذه الروح هي التي تمثلت على مستوى القرآن والتاريخ في حالة فريدة وغير متكررة ، وهي حالة آل البيت النبوي عليهم السلام . النابعون من عمق الإرادة الإلهية .. بشهادة الحق وارادتة في قوله تعالى " :
{.. إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33
: فهم المطهرون في القرآن المصطفون في الخلق و" القديســــين " في القرآن ، و " المختارين " بكلمات التوراة والإنجيل .هذا وتعتبر عملية تسليط الضوء لقراءة هذا المصطلح في السور السبعة ... والتي مبتدأها الحواميم له أهمية و مغزا خاصا لوضوح بيانه، وتحديد عمقه في القرآن باعتباره المدخل لقراءة هذه الحالة المحمدية النورانية وهم " آيات الله" العظام في الخلق ..
و هم في والتوراة " سفر التكوين :
" وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ। هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا। اِثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ، وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً। " سفر التكوين ص17 : 20 ــ 21

: الإثنى عشر إماما الخلفاء المختارين والمصطفين من بني هاشم عليهم السلام . أبناء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من النسل الإسماعيلي . الحقيقة النبوية النورانية الممتدة حتى قيام الساعة ، وهم المتواصلون بهذا النور في أنسابهم و المميزون بعلمهم ونورهم وقوة حجتهم ، وهذا المدد والغوث الإلهي المتواصل لهم يجئ اصطفاء من الله لإظهارهم كقوة معجزة خارقة وكباب رباني مفتوح ، و هذه الحالة المقدسة لها مدلولاتها القيمة والثابتة على مستوى القرآن وحديث النبوة .
أبناء النبي صلى الله عليه وآله هم آيات الله :
ولتعريف جوهر الحالة..
قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم :

" كل سبب ونسب مقطوع إلى يوم القيامة إلا سببي ونسبي ، وكل ولد أم فإن عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم " (1)
وفي رواية :
" فأنا وليهم وعصبتهم " (2) وفي رواية :

" إن لكل بني أب عصبة ينتمون إليها ، إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وعصبتهم وهم عترتي خلقوا من طينتي ويل للمكذبين بفضلهم : ومن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله " (3)
" إن الله جعل كل ذرية نبي من صلبه ، وجعل ذريتي من صلب هذا " يعني عليا " (4) وقد خصص النبي الأكرم هذا النور المتواصل بعلي عليه السلام من السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام فقال :
" إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه وجعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالب " (5)
وهذا التخصيص جعل العترة النبوية محددة في نورها ومركبها النبوي المقدس ، لا مشروعية لاعتداد نسبهم إلا بهم .
قال ابن حجر في الصواعق :

" عن بعضهم حمل حديث كل سبب ونسب على أن المراد أن أمته يوم القيامة ينسبون إليه بخلاف أمم الأنبياء لا ينسبون إليهم وهو بعيد " (6) أي محرم إثبات النسب لغيرهم ، فهم دائرة اختصاص رباني في الاصطفاء .

وذكر صلى الله عليه وآله وسلم : محددا هذا النسب و عصبتهما " (7)
وفي ذات جوهر السياق النوراني لنسب الساجدين :
" إن لكل بني أب عصبة ينتمون إليها ، إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم .. الحديث " (8)
وقد حدد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه الخصوصية بالأب والأم من علي وفاطمة عليهما السلام . روى الحاكم : بسنده.. عن جابر رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لكل بني أم عصبة ينتمون إليهم إلا ابني فاطمة فأنا وليهما " خلقهم الله من نور جدهم وخلق جدهم صلى الله عليه وآله وسلم من نوره المعظم (9)

ولهذا الاصطفاء الخاص (10) جعلهم الله الآية المعظمة في القرآن فهم عليهم السلام نور من نور من نور ..

ــ آيات الله خلفاء الله وسلطانه :

: العنوان في وجهتنا يعبر عن اصطلاحين متوحدين في المعنى والغاية ॥ كما هم حالة التعبير عن مكنون الإعجاز والقوة الإلهية ، والنبي صلى الله عليه وآله كما شرحنا هو تمام اكتمال هذا التوحد المعبر عن القيم والقانون والسلطان الإلهي في الأرض.. استودع الله فيه حقيقة التعبير عن ذاته.. وكما جاء في معاني الحديث " كنت كنزا مخفيا فخلقت الخلق حتى أعرف.. " والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله هو النور المخلوق و هو حامل السر الإلهي في الخلق । وعليه فهو عنوان العرفان الإلهي المنشود . والأئمة عليهم السلام هم ورثاء النبي صلى الله عليه وآله وكذلك هم ورثاء الأنبياء عليهم السلام وحملة مكنون السر الإلهي والنبوي .. استوعبوا في إعجازية خلقهم علم الله الأزلي بكليته : وتمام العطاء الإلهي نستلهم مدادنا ووعينا من قوله تعالى :
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } يس12
ولهم صلوات الله عليهم وسلامه مكنون خلافة الله و إمامته على أرضة.. أي استخلفوا من خلال هذا العلم والإحصاء الإلهي في تكوينهم الاصطفائي الخاص وخلافة الله وإمامته هي سلطان الله العظيم ولا يستوعب سلطان الله وسره الأعظم إلا من اصطفاه الله وحباه من سماته وقدسه.. وهذا لا يكون بصفوته وخلاصته إلا عبر العترة النبوية امتداد النور الإلهي على الأرض . ولهم على المسلمين والمؤمنين حق الطاعة لهذا المقام الإلهي في الاصطفاء
وهم بتكوينهم بمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعده .. وتتجلى قيم هذا الاستخلاف في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
" أخلفوني في أهل بيتي " (11). وفيه التأكيد على ولايتهم :
" إن هؤلاء أولياء الخلافة بعدي " (12) وفي أمره الأمة بخلافتهم
قال صلى الله عليه وآله في الأحاديث :
" من أحب أن يبارك له في أجله وأن يمتعه الله بما خوله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة ... (13)
" ما ناصب علي الخلافة بعدي فهو كافر " (14)
" وهو خليفتي من بعدي " وخاطب النبي صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام : " أنت تبين ما اختلفوا فيه من بعدي "
" وذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام في الخلافة :
إنه خليفتي في أمتي من بعدي " (15)
ويدعم هذا التوجه الإلهي النبوي كثير من أحاديث الثقلين والعترة وهي مسجلة بالعشرات في الموسوعات الحديثية المختلفة .. ومفاد هذه الأحاديث التدليل على النص الإلهي والنبوي لهذه الخلافة النورانية والتي ستختم في آخر الزمان بمهدي آل محمد عليه السلام .. والمهدي كما في شروحاتنا :
هو سلطان الله على الأرض بشهادة العديد من الآيات القرآنية الكريمة .. والجدال بين الحق والباطل هو في الأساس بين سلطان الحق الإلهي وجبهة الباطل الفاقدة أصلا للشرعية الإلهية..
[ يراجع موسوعتنا في المصطلح القرآني : مصطلح سلطان الحق الالهي ]
بل تجاوز هذا الفقدان بهجمته على سلطان الحق الممثل في " آيات الله " وقد يبدوا المصطلح غريبا على السمع !! وهذا مرده ضعف العلاقة بين العقل الاجتماعي وبين المصطلح القرآني وتقاطعاته من جهة وتزييف فقهاء حكومات الجور لحقيقة المركب الإلهي الروحي في الأئمة عليهم السلام ، وطغت على هذا الغياب صورة مزيفة غريبة تارة ॥ وصورة تقليديه مذهبيه وطائفية تارة أخرى..
كل الأحوال تم التغييب المنهجي المنظم لجهاد الأئمة ودورهم التاريخي والروحي في حركة بناء الأمة !!
وتم تصويرهم في تاريخنا بوجهة أقل ما يقال إنها غير لائقة !! وعليه نزع عنهم لباسهم الإلهي في التاريخ السوداوي بصفتهم حقا : آيات الله ومعجزاته وحججه في الأرض !! وبالنظر لمفردات المصطلح في القرآن نرى هذا الوضوح الجلي والعميق॥ والمتفحص لمصطلح ـ آيات الله ــ سيجده يحمل فكر الثورة والنقيض لكل المستكبرين والظالمين ॥ والقرآن الكريم هو الذي حمل الوجهة الدفاعية عن آيات الله تعالى في مواجهة المجادلين المكذبين ॥ قال تعالى :

{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }غافر35.
فالقرآن يجرد أعدائهم المتكبرين والجبابرة من غطاء السلطان الإلهي .. وتجاوز ذلك الى الإتهام لهم بالحقد والاستكبار ، والتجرد المطلق من الإيمان وصولا الى حالة الطبع القلبي بالسواد الناقع البغيض !! والمتجلي في قوله تعالى قوله تعالى :

" إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }غافر56
.. فالاستعاذة قرين البراءة من الوجهاء المستكبرين .

وفي سياق الآية الكريمة يبدو المصطلح القرآني المراد " آيات الله " محاطا بالحصار من جهة المستكبرين والظلمة !!مما يجعل الحالة والمصطلح في بيان القرآن في سدة حركة المواجهة والحسد وهو الموصوف في البيان القرآني بحالة الجدل والتشكيك في سيادة الحالة " يجادلون " . وهذا في حقيقته نابعا من حالة الغيرة السياسية الوجهائية السائدة في التاريخ والمجتمع العربي . ومن أول وهلة يكون السياق القرآني قد وضع النبوة المعظمة في حالة من الاستعداد الشمولي بما منح الله عز وجل هذه الحالة المقدسة من النور النبوي الكريم ومن المدد والغوث الإلهي ، أوهو ما يعرفه القرآن في الآية : " بالسلطان " ونفي الحالة عن هؤلاء المستكبرين هو إثباتها لآياته وأنواره عليهم السلام . وهم النبي صلى الله عليه وآله وعترته المصطفين الأخيار ..
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أن النبي صلى الله عيه وآله قال:
" قسم الله الأرض من نصفين، فجعلني في خيرهما، ثم قسم النصف على ثلاثة فكنت في خير ثلث فيها، ثم اختار العرب من الناس، ثم اختار قريشا من العرب، ثم اختار بني هاشم من قريش، ثم اختار عبد المطلب من بني هاشم، ثم اختارني من بني عبد المطلب" (16)
.. قال صلى الله عليه وآله : " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، وإصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، وإصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" (17)
وقد حدد السياق القرآني " المجادلون " كحالة نقيضه ومضادة لإصطفاء الأئمة الإلهي ، وزاد في التوصيف ليجعلهم في خندق المقت والغضب عند الله " كبر مقتا " وهو تعالى المحدد والراعي لما اصطفاه وخلقه من نوره تعالى " والذين آمنوا " معطوفة كحالة إتباع متوالية في الرفض لهؤلاء المجادلين ، وهي صفة تكوينية لهم ॥ ولهذا البيان كان الدمج بين ــ آيات الله ـ كحالة جمعية مطهرة واضحة جلية في الخطاب القرآني । فالآيات هم العترة المصطفاة بلا جدال

آياتنا: هم الأنبياء والأئمة عليهم السلام
1 ــ في قوله تعالى :{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }غافر23: هود :96
: المدلول البين للانحياز الرباني لخلفاء الله في الأرض :هم الأنبياء والأولياء ، فهم الممنوحون الوصال الإلهي وعلاقتهم مع عالم الغيب مفتوحة ، وإذا كشف باب الغيب كان السلطان الإلهي ممنوحا .. وهذا لا يكون إلا لنبي أو ولي .. و " "آياتنا " في الآية الكريمة تفيد الرسالة والرسول والبينة. وهي المعجزة الدالة على مصداقية الرسالة والرسول صلى الله عليه وآله .. والبينة الأولى ظاهرة في يده وجسده ليكون هو أولا الآية الخارقة ، وهذا من شأنه جذب الناس للحالة الرسالية لإثباتها .. ومن ثم تكون المعجزات والكرامات هي الدالة الثانية .. وفي وعينا له مدلوله في القرآن في قوله تعالى :
{ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى }طه :22
وفي المصطلح القرآني هناك فارق بين مفرد الآية والمعجزة .. والثانية دالة على الأولى ، وقد ورد مصطلح الإعجاز في القرآن بمنطق التحدي .. وهو ــ سلطان الله ــ وغوثه لسلطانة وأنبياءه عليهم السلام . و أهم ما يجعل الآية معجزة هو الصلة من الرسول بالغيب.
وهو قوله تعالى :
{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ،إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } الجن : 26 ،27 ..
والقرآن الكريم يربط بين المفهومين للدلالة والإثبات من خلال المفرد في المثال القرآني "
" موسى عليه السلام ــ آياتنا ــ سلطان مبين " فالتعظيم للنبوة والغوث بالمعجزة والسلطان هو المدد والغوث الإلهي هوالمنحة من الله تعالي لإثبات الحالة النبوية بالمعجزة، وهذا فيه الدلالة والفرق واضح بين المصطلحين : معجزاتنا ، وآياتنا ..لكن تلازم المصطلحين بين النبي أو الولي وبين المعجزة، هو الذي دفع كثير من المفسرين للخلط بين المفهومين !! وأغلب الدوافع وراء ذلك هو الأزمة التاريخية حول ولاية أمير المؤمنين عليه السلام كونه الوريث الحقيقي للنبوة ، وهو باب النبوة وبمقام " باب حطة " في بني إسرائيل ..
وقد أشرنا في تفسيراتنا للمصطلح " حطة " إنهم آل النبي محمد صلى الله عليه
وباب حطة : باب السلطان الإلهي (18)

وبتلازم السلطان مع المصطلحات القرآنية يكون المدلول الخاص لآياتنا
أو " آيات الله " هو الإمام وصاحب السلطان
وسنفصل ذلك بمشيئة الله في تناولنا لمصلح " سلطان الله "
وفيه الختم بالنبوة والولاية للنبي وآله المطهرين عليهم السلام

قال النبي صلى الله عليه وآله:
" أنا خاتم الأنبياء وأنت ياعلي خاتم الأولياء " (19)
وفي الحديث الصحيح المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله :
" يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي (20)
ويكون الولي عليه السلام " حجة الله على العباد كالنبي عليه السلام ، وفي هذا الدليل البين ..
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
" أنا وعلي بن أبي طالب حجة الله على عباده " (21)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم :
" أنا وهذا حجة الله على أمتي يوم القيامة " (22)
ومجموع الأحاديث تنص على ولاية أمير المؤمنين عليهم السلام : أي منحه " السلطان الإلهي " وهذا السلطان في الأصل ، تفويض من الله تعالى، وهو منة من الله للمصطفين من عباده .. وفيهم قوله تعالى في القرآن :
{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَعلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }إبراهيم11.. وكفي بالقرآن دليلا وعظمة في مدلولاته لكل ذي بصيرة ولباب .
وقال تعالى في سياق التدليل :
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }المؤمنون45ـ
وموسى وهارون عليهما السلام هما في سياق القرآن المقصود بهما النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والولي علي عليه السلام هما أعظم آيات هذا الكون ولهما السلطان والختم والظهور على الدين كله ...
قال الفراء : السلطان عند العرب الحجة، يذكر ويؤنث، فمن ذكَّر السلطان ذهب به إِلى معنى الرجل، ومن أَنثه ذهب به إِلى معنى الحجة ، وفيه قوله تعالى:
{ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين } : (هود:96)

َ والملاحظ في الآيتين جاءت الأولى لموسى عليه السلام وفي سورة المؤمنون جاءت لموسى وهارون سويا
وهذا له مدلول أن العطاء في السياق التفسيري المراد به أن الاصطفاء الأول كان للنبي محمد صلى الله عليه وآله و سلم ثم كان دعواته لأمير المؤمنين علي عليه السلام لوراثته ..

ولهذا كان علي عليه السلام وليا بمقام النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين
" إلا انه لا نبي بعدي "
وفي الآيات إثبات أن السلطان والرسالة للنبي والولي أخيه عليهما صلوات الله وسلامه هما سياق توصيفي للإرادة الإلهية الموحدة في الرسالة الموحدة । وفي الحديث الصحيح :

" ولو كان لكنته "
أي لو لم تختم النبوة لكان علي عليه السلام نبيا كهارون عليه السلام والتدليل الحديثي في هذا الخصوص واضحا ..
وهما : " حُجَّة بَيِّنة؛ والسُّلطان: الحاكم ، إِنما سمي سُلْطانًا لأَنه حجةُ اللَّهِ في أَرضه ، أو هكذا ينبغي أن يكون وقوله تعالى: "هلك عني سلطانيه " (الحاقة:29) معناه : ذهبت عني حجتُي . وبهذا يتبين أن هذه المصطلحات تفيد معنى مشتركًا بينها، وهو إقامة الدليل والحجة، قصد إظهار الحق والحقيقة ؛ وقد فرق بعض أهل العلم بين هذه المصطلحات، فقالوا: اسم ( الدليل : يقع على كل ما يعرف به المدلول، واعتبروا أن ــ الدليل ــ ما كان مركبًا من الظنيات، والبرهان ــ ما كان مركبًا من القطعيات ، و ــ الحجة ــ مستعملة في جميع ما ذكر ." (23) والحديث القطعي الدلالة في الحجية قوله صلى الله عليه وآله وسلم :
" أناو علي حجة الله على عباده "
كل سلطان في القرآن فهو حجة قلنا أن : وفي سياق عرضنا لظلال آل البيت في القرآن الكريم و وذكرنا أن من أسس التفسير القرآني النظر للقرآن على قراءتين ، وهي قراءة المثال و قراءة الأنموذج.. وأمامنا مثلا تجربة موسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. وفيه قوله تعالى :
{ ثم أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا " وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } المؤمنون: 45
ـ فيكون المثال هو التجربة الموسوية .. والأنموذج المراد من التنزيل هو النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام
॥ وبدون قراءة التفسير على هذا الأساس يكون القرآن مصبوغا
في تأويله بطابع الجمود القصصي !!

لا على أساس سر التنزيل ووجوه التأويل الظاهرة والباطنة .
وبهذا نقف في توجهنا القرآني التفسيري وتحديدا في قراءة المصطلح علي الأرضية المرادة من التنزيل ، والمهد وف به النبي محمد صلى الله عليه وآله وعترته المطهرين وهم امتداد نوره ، فيكون هذا التفسير القطعي الموجه : لإثبات الحجة والمرجع للعترة النورانية المطهرة وهم المهدوفون أصلا من مراد الخلق.. فيكونوا هم الحجة والسلطان والآية المعجزة كما شرحنا في مبحثنا .. وحتى يكون السلطان مبينا : أي ظاهرا لزم أن يكون التفسير للمصطلح واقعيا ، ومستلزم لمقتضيات العصر والأصول القطعية في الدلالة والاستدلال .. وخاصة في ربط القرآن بالمشروع النوراني المحمدي " الإسلامي .. لا بالمشروع الموسوي " الإسرائيلي !!
ونرى أن القراءة المعاصرة للقرآن الكريم يجب أن تكون على وجهتين أيضا : الوجهة الأولى : وهي النبوة البداية । والوجهة الثانية : الولاية الخاتمة وهي : الحالة المهدوية
وكلاهما تؤكد الربط بين البدايات والنهايات
وفيه الدليل من الحديث النبوي :

" بنا بدء الدين وبمهدينا يختم "
ومصطلح الختم في القرآن والحديث النبوي كلها تصب في تأكيد هذه الوجهة .. والهدف هو وضع آيات الله في عمق الإعجازية القرآنية وتحقيق المسار التاريخي بصورة الوعي الإلهي وهو ما يحقق حالة النبوة الخالدة في العالمين . وبهذه القيمة نرى القرآن يغطي وعينا من خلال طرحه لجميع الآيات المستقبلية المتعلقة بالظهور لتخدم القضية الإلهية باستعلاء المشروع الإلهي الخاتم ..
وبهذا التبيان يكون السلطان المراد في زمننا هو خليفة الله المهدي الموعود عليه السلام ، وهو الذي يصلي خلفه النبي المعجز والقديس " عيسى بن مريم عليهما السلام ..
وهنا نؤكد مقولتنا في دروسنا اليومية
" نحن نريد قراءة قرآننا وتفسيرنا وتاريخنا بوجهته المقدسة الحضارية المعاصرة..
ونرفض القراءة المقلوبة في تفسير القرآن ؟ وهو كما بين أيدينا عشرات التفاسير لا تخدم بغائيتها إلا فكر الحكومة في التاريخ .. ونؤكد ما نقوله في يومياتنا دون حساسية مفرطة .. إننا يلزمنا اليوم جيلا طليعيا لا يقف بالتضاد مع التاريخ والقرآن !! ففي زمن قلب الموازين يلزمنا أن نعيد قراءتنا لمصطلح القرآن من جديد..
وهذه أيها السادة بصراحة : أزمتنا التاريخية .. في حركة جمود التفسير .. والسبب هو حالة الانقطاع بين التفسير والتأويل ، وسلطان العترة النبوية ، وكانت هذه المؤامرة على الدين والعقيدة الإلهية.. حينما فصمت العلاقة بين القرآن والأئمة من آل محمد عليهم السلام ، والحق إن هذا الانفصام النكد .. هو الذي تسبب في وقف حركة الاجتهاد عبر القياسات التي ظهرت في أزمان الأزمة !! والمؤسف أن هذه القياسات قد سجلت و كرست بوجهة مقلوبة تماما ، وتقدم مجموع المفسرين في ظلال سيادة فكر حكومة المؤامرة والأزمة ليعطوا تفسير للقرآن بعيدا عن قراءة التفسير برؤية العترة النبوية !! ورغم أن العديد من المفسرين والمذاهب أخذوا علومهم عن الأئمة وبالتحديد الإمام جعفر الصادق عليه السلام إلا إنهم ذهبوا لتأكيد مذهبهم على مستوى الفقه والتفسير؟؟ وهكذا أصبح التفسير متعارضا لفكرة الثورة التوحيدية التى غرسها الأئمة والعترة عليهم رضوان الله تعالى । وخاضعا بصورة وأخرى للخطوط الحمراء الحكومية وقوى السلطان المتمردة ॥ و حق السلطان الإلهي الممثل في النبي والعترة المطهرة عليهم صلوات الله وسلامه । ولتكريس هذه الحالة كمنهج فقد أسهم الضغط السلطاني المزيف ومعه وعاظ السلاطين التاريخين في تأصيل فكر المؤامرة بغطاء مذهبي زائف وموهوم انتهى بفرض وصاية بوليسية على الفكر الثوري والتجديدي بكليته। أي بالتحديد أكثر : ملاحقة أئمة آل البيت وأنصارهم عليهم السلام بصفتهم عنوان الثورة الإلهية وطليعة القيادة الربانية في الأمة ॥ ولو تتبعنا مثلا بعض مفردات علم التعديل والتجريح لرأينا طغيان هذا التوجه عليها مثلا " تعقبه الذهبي ॥!! وأسقطه المحدث !! وكشف القناع عنه !! عنده تقية ولكنه صدوق !! أو حديث ساقط !! أو حديث فيه غلو !! أو راويه : شيعي صدوق فيه غلو !! وهكذا في رؤية تحليلية لقياس الوعي النفسي ॥ سيجد المحلل التجريدي أن هؤلاء المشتغلين بعلم الحديث والتفسير برغم بعض انجازاتهم كانوا يعيشون بروح البوليس الأموي والعباسي .. وهي كما اليوم تسيطر المصطلحات ذاتها على وعاظ السلاطين وهم أقبح ظاهرة عرفها التاريخ !! " المتطرفين .. الحركات الإرهابية .. القاعدة ..السلفية ..السلفية الجهادية .. الشيعة..الخارجين على القانون !! وعندما توضع هذه المصطلحات في الإعلام الزائف و في وعي الوعاظ المتسلقين زيفا على منابر الوجاهة.. ورجال الفتيا المرتزقة فلن يكون همهم سوى تكريس الزيف والتضليل بغطاء القرآن وتوظيفه لقتل المشروع المحمدي ،" ليسود السفياني على المحمدي.. وقد أنتج هذا الإنحراف في تكريس الأسس المنهجية لقراءة تفسير القرآن ، فأضحى القرآن الكريم أسيرا مكبلا .. بالتفسيرات المقلوبة الجامدة.. وهي التي أوصلت الأمة اليوم إلى منحنى الانكسار والهزيمة !! هكذا كانت المؤامرة تبدوا جلية في غياب أو تغييب آل البيت النبوي عليهم السلام ..


" الحق الإلهي في القيادة التفسيرية " ..

وفيه قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم :
لأمير المؤمنين علي عليه السلام :

" إنك تقاتل على القرآن كما قاتلت على تنزيله " (24)

وفي نفس السياق يقول النبي الأعظم صلى الله علية وآله وسلم : " إن منكم من يقاتل على تأويل القران كما قاتلت على تنزيله فقال أبو بكر أنا هو يا رسول الله قال لا ولكنه هذا خاصف النعل وفي يد علي نعل يخصفها .
.وعن الأعمش عن رجاء عن أبي سعيد قال : وقال النبي صلى الله عليه وآله " إن منكم من سيضرب على تأويله كما ضربت على تنزيله قال فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا هو قال لا هو صاحب النعل " (25) وروى الزبيدي عن أبيه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول كنا جلوسا ننتظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله سلم ) :
فخرج علينا من بعض بيوت نسائه قال فقمنا معه فانقطعت نعله فتخلف عليها علي يخصفها عنده ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضينا معه ثم قام ينتظره وقمنا معه فقال إن منكم من يقاتل على تأويل القران كما قاتلت على تنزيله فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر فقال لا ولكنه خاصف النعل قال فجئت أبشره "(26)
وقد كان النبي صلى الله عليه وآله صريحا في تحديد الوجهة المركزية للتلقي والتفسير القرآني وهو أساس حركة الأمة .. وكان ذلك محددا في أمير المؤمنين علي عليه السلام بأنة سيقاتلهم وسيضرب أعناقهم على التفسير والقرآن .
قال صلى الله عليه وآله :
" لن تنتهوا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه بالإيمان يضرب أعناقكم وفي حديث به رقابكم وأنتم متجفلون عنه إجفال النعم فقال أبو بكر أنا هو يا رسول الله قال لا॥ قال له عمر أنا هو يا رسول الله قال لا ولكنه خاصف النعل وفي كف على نعل يخصفها لرسول الله صلى الله عليه وآله (27) وقال " ليضربنكم
" وعن عبد الرحمن بن بشير قال كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ قال ليضربنكم رجل على تأويل القران كما ضربتكم على تنزيله فقال أبو بكر أنا هو يا رسول الله قال لا قال عمر أنا هو يا رسول الله قال لا ولكن صاحب النعل قال فانطلقنا فإذا علي يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله في حجرة عائشة فبشرناه " (28)
الأحاديث تؤكد الوجهة النبوية والأمر الإلهي في تحديد الولي المكلف بعد النبي صلى الله عليه وآله وهي السنة المتبعة في تاريخ الأنبياء والرسالات ، أي تحديد الولي الذي يناط بالمسؤولية والرسالة ... وقد حدده النبي صلى الله عليه وآله : " علي مني بمنزلة هارون من موسى "(29).. وذلك هو السلطان الإلهي بالتواصل والإستمرار حتى مجئ " علم الساعة " وهو خليفة الله المهدي عليه السلام (30)

ـ المجادلون لآيات الله عليهم السلام هم الظالمون :

ويصفهم القرآن بصفات الجدال والمراء والتكذيب .. ولهذه الطائفة سمات " التقلب ، والردة والنفاق والكفر كما صفات الطغيان
" كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ "..
وهم مطبوعون على بغض الذين آمنوا .. والذين آمنوا هم في التفسير : آل النبي صلوات الله عليهم أجمعين ، و أخرج الطبراني و ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
" ما أنزل الله { يا أيها الذين آمنوا } إلا و علي أميرها و شريفها" (31)
و هم جماعة بشرية موصوفة ب " آيات الله" غافر : 4
وبعد تبيان حالة التكذيب والمجادلة معهم عليهم السلام وصفهم المعادين ل" آيات الله " بالكافرين " وهو قوله تعالى " إلا الذين كفروا " والسياق في توصيف المجادلين يؤكد على مهمتها الجدال والتشكيك والحرب على الله ورسوله.. ووجه تبارك وتعالى أمر رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله بالحذر منهم فقال :
{مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ }غافر4 ..
: وفي نفس السورة قوله تعالى : ــ
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ }غافر69
{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }غافر35..
{ وكان الإنسان أكثر شيء جدلا }

..والجدل عند أهل التفسير : الخصومة .. [ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل وقرأ { ما ضربوه لك إلا جدلا } : " تفسير الطبري ". وفي فتح القدير : " ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما (107(
قوله 107 - { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } أي : لا تحاجج عن الذين يخونون أنفسهم والمجادلة مأخوذة من الجدل وهو الفتل وقيل : مأخوذة من الجدالة وهي وجه الأرض لأن كل واحد من الخصمين يريد أن يلقي صاحبه عليها وسمي ذلك خيانة لأنفسهم لأن ضرر معصيتهم راجع إليهم والخوان : كثير الخيانة والأثيم : كثير الإثم وعدم المحبة كناية وهذا الطبع بسوء الخاتمة والمنقلب هو نهاية مؤكدة وحتمية لكل المكذبين لآيات الله المحاربون لسلطانه.. والمجادلة تستوعب كل أشكال الحرب والمواجهة والكيد والمؤامرة .. والجدال هو أصلا نابع من التكذيب والحسد .. و سياسات المقاطعة للأئمة عليهم السلام وهم آيات الله تعالى رغم البينة والبرهان الذي في أيديهم وهو الصدف .. و المحاربة والإعراض " انتهى ..
وهذا لم يوجد كحالة في عمق التاريخ إلا في المنافقين من أعوان يزيد بن معاوية وأعوانهم لعنهم الله فلهم الخزي في الدنيا.. وفي الآخرة هم أصحاب الجحيم !!
وفيهم قوله تعالى :
{أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ }الأنعام157
: وفي نفس السورة يؤكد القرآن الكريم على وصفهم بسياسة المكابرة وحتمية السقوط والفناء لقوتهم وشيكة.. وفيه التحدي من الله المتجبر لكل الأشكال الطاغوتية والسياسية المعادية للأنبياء والأئمة أولياء الله تعالى ..
{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }غافر : 56
॥ ربط العلي القدير السلطان الإلهي بنبيه وخليفته وسلطانه وهم بالمطلق القرآني " آيات الله " ووعد خليفته عليه السلام بغطاء السلطان الإلهي في حال الطاعة لله والرسول॥وعليه سيكون سلطان الله الممنوح للنبي والولي هو قوة التحدي في مواجهة سياسات الاستكبار والعناد ॥والقرآن يعلن الحرب على الأفاكين ومثيري الحرب النفسية والمشككين انتصارا لآيات الله وأولياءه في الأرض। " وأمر بمجانبة المكذبين وأهل العداوة للنبي وآله

قال تعالى :
{وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ }البقرة99


فقد اتهم القرآن الكافرون بالله وآيات الله بالفسق وهو مصطلح شمولي يستوعب الحالة النفاقية بكليتها !! وفي الآية التالية أمر المؤمنين بمجانبة المستهزئين بحملة القرآن من العترة والأصحاب عليهم رضوان الله أجمعين ..وسماهم المنافقين والكافرين .. وهي صفات أبدية لمبغضي الأئمة وآل البيت وجماهيرهم عليهم السلام وجاء في الحديث الصحيح .. قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الطاهرين

" يا علي : إن الله قد عهد إلي فيك عهدا لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " وفي القرآن بيان الأمر قال تعالى :

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }النساء140
و تجربة سليمان النبي عليه السلام مع بلقيس .. "
.. وهو الممثل في قوله تعالى :
{وَأَنْ لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }الدخان19..
: وفي تجربة موسى النبي عليه السلام مع فرعون .. وكما أشرنا له في سطورنا أن المعجزات كانت في يد آيات الله " ــ النبي موسى عليه السلام ـــ وهو الممثل في قوله تعالى :
{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى }طه22
والدليل الشمولي هو الجعل الإلهي التكويني في بيان إثبات المعجزة كسلطان الهي يتحدي الطغاة
الله تعالى في بيانه :

" {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }الذاريات38 ..
وفي سورة العنكبوت صورة لهذا التحدي الإلهي من خلال بيان السلطان في ــ آيات الله ــ قال تعالى :
{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ }العنكبوت39
وهي وجهة للصراع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعتاة قوى المستكبرين ، فكانت المعجزات الذاتية " واضمم يدك الى جناحك.. " والمعجزات الصارخة التى دفعت السحرة وهم أداة التحدي يسجدون لله تعالى موحدين.. ثم يأخذ بقيتهم الغضب الإلهي وهو قوله تعالى :
{فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }العنكبوت : 40
المعادون لآيات الله عليهم السلام

ثم ينتقل السياق القرآني بهدوء لينقل تجربة المواجهة بين موسى النبي عليه السلام والوثنيين اليهود... وهم الماشيحانيون من أمثال السامري الدجال وعبدة العجل الذهبي ... وهم الذين اتخذوا من دون الله أولياء وفيهم قوة التحدي القرآني .. قال تعالى :

{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } العنكبوت41 ..

والعنكبوت في التفسير القرآني في وجهتنا مدلوله في المثال والأنموذج القرآني .. المقصود به القوة الواهية التي وقفت في مواجهة قوة التحدي المحمدي مع اليهود المفسدين ، وهم الذين تآمروا على النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام بوجه خاص بتحريض دنيء من عدو النبي الأول " أبو سفيان " وهو الصورة الموحدة والمتكررة .. مع ظاهرة الإفساد الإسرائيلي .. في مكة و حتى قيام الساعة .. واليوم يتجلى الصراع في أوجه في فلسطين والمحور الشامي .. والآية الكريمة هي تشخيص واضح لكفتي الصراع بين الخيار المحمدي المشرع سيفه في فلسطين ولبنان وإسرائيل الواهية وهي بالوضوح القرآني " أوهن من بيت العنكبوت " ويشاء العلي القدير أن يكون الصراع هو الدائر بين الإفساد الإسرائيلي والمحمديون في الشام .. والدليل الرمزي لكفة إسرائيل الوثنية هي " العنكبوت " وهي بيت الواهية في الصراع .. وفي التفسير العنكبوت : هي امرأة إسرائيلية خائنة وزوجها عابد .. روي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام عن أبيه عن جده عليهم السلام قال :
" الممسوخ من بني آدم ثلاثة عشر الى أن قال : " وأما العنكبوت فكانت امرأة سيئة الخلق عاصيه لزوجها مولية عنه فمسخها الله عنكبوتا "
وقال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله :
" العنكبوت شيطان مسخها الله ، فمن وجدها فليقتلها " (32)

وفي المثال القرآني الصراع بين اتجاهين : الاتجاه الأول : النبي صلوات الله وسلامه عليه والأحرار المؤمنين. وأبو سفيان واليهود الذين اتخذوا من دون الله أولياء وقد شبههم المولى سبحانه ببيت بالعنكبوت " اتخذت بيتا " ووصف بأنه أوهن البيوت!! .. وهاهم اليوم وهم أقوى ترسانة عسكرية يهزمون مرتين شر هزيمة أمام المحمديون في جنوب لبنان " المحور الشامي " وفي قوله تعالى : " لو كانوا يعلمون " فيها السر العميق : فأولوا العلم هم آل محمد عليهم السلام في القرآن .

وقوله تعالى أيضا " وما يعقلها إلا العالمون " ففيها أعمق السر عن حقيقة الصراع المحتوم بين " آيات الله العالمون ـ وقوى الإفساد الواهون .. قال القمي رحمه الله في التفسير : " لا يعقلها إلا العالمون " : يعني آل محمد عليهم السلام ..

وفي تفسير فرات الكوفي في الآية قال زيد بن علي :
" نحــن هم " .. وقال الطبرسي : في مجمع البيان .. عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام : هم الأئمة من آل محمد عليهم الصلاة والسلام. (33)
وعن أبي جعفر: محمد الباقر عليه السلام في قوله تعالى :
{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }العنكبوت43
قال : " نحــن هم " : (34) وهم آيات الله المصطفاة والذين جحدوا بهاهم بنو أمية .. كذبوا وكفروا وقتلوا آل البيت النبوي الطاهرين عليهم السلام !!
قال الطبري : في قوله تعالى :
" وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (43 )
: إلا العالمون بالله و بآياته " وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى :
{ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون }
أي وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه
" حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة
{ وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون }
قال : إنما يكون الجحود بعد المعرفة " (35 )
وتجمع كتب التفسير أن الذين جحدوا الرسالة من بدايتها وبعد رحيل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله هم اليهود وبنو أميه وأعوانهم ؟ وهم الذين تكالبوا على الرسالة وقتلوا أهل البيت والأئمة عليهم
والصراع المتواصل هو بين أمة وأمة !! الأمة المحمدية وهم العترة النبوية والأمة النقيضة " أهل العداوة بنو أميه " : يراجع مبحثنا الأمة في القرآن الكريم : موقع أمة الزهراء "

قال ابن كثير في التفسير : هذا جاء في الكتب المتقدمة في صفة هذه الأمة
{ أناجيلهم في صدورهم ) وقوله تعالى :
{ وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون }
أي ما يكذب بها ويبخس حقها ويردها { إلا الظالمون } أي المعتدون المكابرون الذين يعلمون الحق ويحيدون عنه كما قال تعالى :
{ إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم } (36)
وهكذا يجمع القرآن وصف المكذبين والمجادلين بكليتهم بالكافرين والظالمين والمبطلين .. والمستهدف بالتكذيب كما قلنا في مبحثنا ..هم أئمة آل النبي الطاهرين عليهم السلام فهم المستهدفين بالإبادة .. فهم حملة البينات وفي صدورهم القرآن وعلم الله المخزون . قال تعالى :
{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ }العنكبوت49
وفي الآية بيان واضح لالتقاء المفرد القرآني : " آيات بينان ـ الذين أوتوا العلم ــ آياتنا " وهي وحدة متكاملة لبيان حالة " آيات الله " وظاهرة الجحود هي النقيض البارز لحالة " آيات الله : وهم المنسوبون في الآية إلى الله تعالى " آياتنا "

جاء في تفسير القمي : " لا يعقلها إلا العالمون " : يعني آل محمد عليهم السلام " (37)
وجاء في تفسير فرات الكوفي رحمه الله : عن الباقر عليه السلام :
" نزلت في آل محمد وإنهم هم الذين أوتوا العلم " (38)
.. وهكذا نرى التوالي في آراء الأئمة والعلماء أن الصراع هو على الولاية لآل محمد عليهم السلام ، وهم حملة العلم وهم في جميع الآيات موصوفون بأنهم :
ـ آيات الله ــ فهم بصدورهم المكنوز فيها علم الله يواجهون البغاة والمستكبرين ..
من اليهود والسفيانيين وهم عند الله والمؤمنين أهون من بيت العنكبوت .. فمهما بغوا وأفسدوا في الأرض ..
وامتدوا بشباك مخابراتهم العنكبوتية والماسونية المدمرة ، فأنهم عند مواجهة المحمديون الطاهرون معهم لا تنفعهم مكائدهم .. ولا شباكهم التي يصطادوا بها العملاء والمغفلين الذين يسقطوا في شباكهم اللامعة الخبيثة .. وفي المثال القرآني : يوصف الصراع بين الحشرة الممسوخة " العنكبوت " بسبب انحطاطها وخيانتها أمام حالة النبوة والصالحين في البيت الإسرائيلي في زمن موسى النبي عليهم السلام .
وفي المثال : فهم اليوم أمام تجربة موسوية محمدية وهارونية محمدية ..
وأمام هذا المشهد المقدس يتسلل الخونة من عناكب الظلام يلبسون ثوب الأسود والسادة الزائفين في الأمم ॥ وليبرز هؤلاء في ثياب الواعظين وحكماء الزيف !! وهذا هو العنكبوت وشبكته الماكرة وبكل لعنته يسقط كل المتهافتين وهم أهون من العنكبوت وأهون من مثال البعوضة يسقطون جمعا ليمتص الناهب دمهم .. وهذه آيات الله العظام ... اليوم كل الشاهدون يرقبون المشهد وكل المشهد...
" فمن منا من لم ير العنكبوت من قبل " الشيطان " !! من منا من لم ير الحشرات المخدوعات " يقلبها أولياء الشيطان " وقد تخايلت لها زينة بيت العنكبوت من بعيد " يقابلها ما يزينه الشيطان لأوليائه..ومن منا من لم يلمح الحشرة وهي تقترب مبصرة على غير بصيرة " وكانوا مستبصرين " إلى أن تقع في حبائل العنكبوت وزينته " حبائل الشيطان بالنسبة لإنسان " ؟؟.. ومن منا من لم يأت بيت العنكبوت بعد عدة أيام ليشاهد فيه آيات العذاب التي حلت بالمخدوعين !!" (39) .

و في وجهتنا نؤكد أن : الخطيئة كل الخطيئة لكل المعتقدين في زانية إسرائيل الممسوخة أن فيها خلاص الأمم .. والسياق القرآني يضع في المعادلة العنكبوت مقابله الشين وهي ــ بيت " بيت الشيطان .. والحشرة الخبيثة مقابلها ــ إسرائيل الزانية ــ كما وصف الأنبياء في كتاب العهد القديم .. ومبحثنا الخاص بالمصطلح القرآني ــ آيات الله ـ يستوعبه السياق القرآني .. لكن في اختصار المبحث قيمة ..
والسلطان بالإجمال هو قوة التحدي في وجه كيان الباطل الخالي من السلطان المعجز.. وهو ما يتجلى في العديد من الوصف القرآني :

{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى
الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى } : النجم23

.. والأسماء هي البدائل عن كلمات الله وآيات الله المعجزة ،
والملاحظ للآية التي تلي الآية 56 / غافر . تتحدث عن الدجال كما جاء في كتب التفسير ، ذكر السيوطي رحمه الله :
" وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله تعالى : " لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ " قال : هم اليهود نزلت فيهم ، فيما ينتظرون من أمر الدجال " وذكر البغوي رحمه الله : " خلق السموات والأرض } مع عظمهما { أكبر } أعظم في الصدور { من خلق الناس } أي : من إعادتهم بعد الموت
{ ولكن أكثر الناس } يعني الكفار { لا يعلمون } حيث لا يستدلون بذلك على توحيد خالقها وقال قوم : ( أكبر )
[ أي : أعظم ] من خلق الدجال
{ ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
يعني اليهود الذين يخاصمون في أمر الدجال وروي عن هشام بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من خلق الدجال.."
..وهو قوله تعالى :
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }غافر57 (40)
: والأمر ليس صدفة في الاتساق القرآني ، بل نظم رباني دقيق الحساب والتوجيه ، وهذا النظم والتفسير يؤكد وجهتنا البحثية في المصطلح .. في أن العرض الزمني المراد في الآيات هو آخر الزمان .. ويثبت وجهتنا أن الخيار المحمدي وهو في المثال القرآني .. " السموات والأرض " يضرب مثال لعظمته صلى الله عليه وسلم في الخلق في مواجهة البديل القريظي والقينقاعي في اتخاذ الدجال إلها من دون الله.. وهم الظالمون لأنفسهم ووصفهم الله تبارك وتعالى : بالذين " لا يعلمون " وهذا التزامن يؤكد مرة أخرى أن " آيات الله " التي يجادلهم المكذبون المستكبرون هم : أبناء النبي محمد عليهم صلوات الله وسلامه .. وفي آخر الزمان هم : خليفة الله المهدي الموعود والأئمة عليهم السلام .. فهم الرد الإلهي على مرحلة الدجال اللعين ..
وسياق الآيات عموما في سورة غافر على التوالي في الآيات " 58 ، 59 " تتحدث عن قيام الساعة : وفي الآية الأولى في قوله تعالى :
{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ }غافر58
وتفسيرها يكشف عن اتجاهين هو الأعمى : وهو محدد سلفا باتجاه الأعور الدجال ، أعمى العين والقلب ، و ...والبصير وهو خليفة الله المهدي الموعود عليه السلام النقيض الأزلي الموكل بمواجهة الدجال وكل الظلم والجور العالمي ، وفي زمنه وبأمره يلاحق السيد المسيح عليه السلام وجنود المهدي الإلهيون معه الدجال ويذبحه المسيح عليه السلام. والذين آمنوا.. في الآية هم آل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم و " عملوا الصالحات " هم أعوان خليفة الله المهدي عليه السلام وهم الصالحون الغرباء الذين بشربهم نبي الأمة صلى الله عليه وآله وسلم في قوله :
إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا . فطوبى للغرباء(41)
وقال صلى الله عليه وآله : عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء ) قالوا : يا رسول الله وما الغرباء ؟ قال :
" الذين يصلحون عند فساد الناس" (42) والآية:
{إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ }غافر 59
وفيها ذكر الساعة بعد فتح موضوع الدجال والمعروف إن هذا هو وعد من الله تعالى بقدوم خليفته الموعود عليه السلام .. وفي التفسير : المهدي هو علم الساعة . (43) ، لاريب فيها : أي لاشك في قدومه المفاجئ ليبدأ التاريخ الرباني من جديد في مواجهة الظلم وإحلال العدل والقسط .. والملاحظ في دراسة مقارنة الآيات الواردة في قوله تعالى " ولكن أكثر الناس " .. جاءت في مواضعها بختم " لا يعلمون " باستثناء هذه الآية التي نحن بصددها .. جاءت بختم " لَا يُؤْمِنُونَ " وهذا له مغزا مهما وهو إثبات أن الآيات في القرآن التي تتحدث عن " أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ " جاءت في القرآن في مناسبتين فقط وهما خاصتين بولاية آل البيت عليه السلام : " في سورة هود /17 ، وفي سورة الرعد / 1 " .. بما يدل على أن أكثرية الأمة الإسلامية لا تؤمن بالمهدي عليه السلام في عهده ؟؟ وفي رصدنا في القرآن جاءت معظم الآيات التي فيها لفظ " أكثر الناس لا يعلمون " وهي في إثنى عشر موضعا فقط : " الأعراف /287 ، يوسف /21 ، يوسف /40 ، النحل/38 ، الروم /6 ، الروم /30 ، سبأ /28 ، 36 ، سبأ / 36 ، غافر /57 ، الجاثية /26 ، غافر /59 .. وفيه الدليل على أن أغلب الناس لايعلمون عن حق آل محمد عليهم السلام والمهدي عليه السلام هم قليل .. وفي هذا إثبات على ما جاء في الحديث عن قلة المؤمنين في آخر الزمان .. وذكر عن أصحاب المهدي عليه السلام بأنهم عدة أهل بدر رضي الله عنه .. (44)
والمستفاد من ذلك في الآية التي نحن بصددها هو القول بصحة موقفنا بأن الذين يحاربون آيات الله " وهم آل البيت عليهم السلام في آخر الزمان هم الكثرة !! وهكذا يجئ السياق القرآني في سورة غافر وهي أول الحواميم .. ليكشف عن قوة ترابط المصطلح القرآني المعبر عن الحقيقة النورانية في النبوة والعترة وهم " آيات الله المعجزة .. السفياني الأموي الملعون من الله ورسوله .. مرة أخرى هو عنوان التكذيب والجحود والجدال وهو ختم الإفساد الأموي .. من بني أمية !! وسماتهم في القرآن
المكذبون لآيات الله عليهم السلام هم أصحاب النار والجحيم :
وكما في السياق القرآني و السيرة النبوية وكتب الحديث موصوفون بأنهم : منافقون ..متقلبون.. مجادلون .. أفاكون.. وبأنهم سيبدلون بعد النبي صلى الله عيه وسلم وللموضوع شواهد متعددة (45)
وما يهم في السياق التوضيح بأن " آيات الله " هم حالة جمعية تقف على النبوة وسماتها موحدة في الإعجاز والعطاء النوراني وهذا لا يتحقق إلا في الأئمة المطهرين عليهم السلام فهم تاريخيا المغدورين والمحسودين من أعدائهم ॥ وقد وصفهم الله تعالي بأسماء ورموز كثيرة ومتعددة .. وأن الجهة المعادية لهم قد حددوا في السورة وعلى امتداد القرآن

بأنهم : " أصحاب النار" وهو مصطلح قرآني ملازم لأعداء النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين ॥ من " اليهود والسفيانيين " حتى يوم القيامة ॥ وفي استعراضنا لمصطلح " أصحاب النار " ، ومصطلح " أصحاب الجحيم " في مباحثنا سنرى خصوصيته بهم ؟؟
وقد أبرزهم معظم القرآن كاتجاه مضاد بأنهم : كافرون ، وكاذبون وأصحاب النار وهو قوله تعالى في الشواهد :
{وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البقرة39.
. ومآلهم الخلود في النار.. وهو مصطلح يحمل سمات الدموية والإغتيال وهذا مؤكد في تجربة ابني آدم عليه السلام قال تعالى :
{إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ }المائدة29
وسمة القتل والدموية والغدر هي شيم السفيانيين أعوان إبليس والدجال الملعون .. فهم المهدوفون بمصطلح : " أصحاب النار و أصحاب الجحيم " * .. وهم الظالمين للنبي والأئمة المطهرين عليهم صلوات الله وسلامه بمعظم شواهد القرآن والسنة . وفي سورة المائدة وهي المخصوصة بالولاية جاء قول القرآن فيهم بينا في ذات الموضوع :
{وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }المائدة 86
وقد تكررت الآية مرتين في السورة في الآية 10 ، 86 .. لإثبات الحالة المكذبة بالكفر والتكذيب و" أصحاب الجحيم "...وقد وصفهم القرآن الكريم بالقرابة للنبي صلى الله عليه وآله ونهاه صلى الله عليه وآله وسلم عن الاستغفار لهم !! فهم " أصحاب الجحيم " ولهذا قبلهم النبي صلى الله عليه وآله بعد فتح مكة كطلقاء وعفا عنهم ..لعلمه صلى الله عليه وآله أن قدر الله ماض في عقبهم حتى آخر الزمان وهو ماثل في قوله تعالى :
كما وصفوا بالسيئة وهو في قوله تعالى
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }التوبة113
.. وهم ماكرون في عداوتهم عاجزون في المواجهة فيهم قال المولى سبحانه وتعالى :
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }الحج51
ولهذا التعريف
الإلهي لعمق المصطلح نرى تبيان حركة التمايز بين الحقيقة النورانية "الله ــ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ــ العترة وهم النورانيين وأصحاب الاصطفاء الخاص عند الله تعالى ومعهم الصديقين من محبيهم وهم الشاهدون الشهداء الفائزون .. وبين الملعونون أصحاب الجحيم وهم المؤذون النبي وآله عليهم صلوات الله وسلامة ، وهذا التحديد له عظيم التجلي والبيان في قول المولى تعالى :
{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }الحديد19
: وفي الأحزاب ملعونون .. قال تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً }الأحزاب57

وفيهم وعداوتهم قال تعالى :
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ }محمد23
وفي تبيان العداوة- إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريدا وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم
: نعيم بن حماد في الفتن ك - عن أبي سعيد ) (46)
وفي سياق الحديث عن واقع وجوهر المكذبين بآيات الله في القرآن نرى برصدنا لحالة التكذيب وعلاقته بآيات الله تعالى سنجد : قوله تعالى : " كذبوا بآياتنا " وردت : 24 مرة في القرآن وهي أعلي رصد لهذا المصطلح .. وفيه الدليل لبين على أن آياتنا : هم أولياء آل البيت النبوي عليهم السلام امتداد النبوة والأنبياء عليهم السلام..وهم المنسوبون لله تعالى بمنسب الوصال والتشريف مثال قوله تعالى " " عبادنا " وقد وردت بعدد 12 مرة ..وهي سما ت موزعة للتعبير عن حالتي الأنبياء والأئمة الذين يهدون بأمر الله عليهم السلام ... فهم المهدوفون بالتكذيب : والملاحظ أيضا أن هذا المصطلح : " آياتنا " وردت في معظمها في سورة الأعراف وهم في التفسير آل النبي محمد عليهم السلام في الجنة ، وهي في السور التالية : " الأنعام /39 ، 150 ، 36 وفي سورة الأعراف /146 ، 147 ،176 ، 177 وفي سورة يونس /73 ، الأنبياء 77 ، الأنبياء / 77 ، الحج / 57 ، الفرقان /36 ، النمل / 83 ،الروم /16 ، الزمر / 59 ، الحديد ـ 19 ، التغابن / 10 ، النبأ : 28 .
وقد وردت في قوله تعالى : " أو كذب بآياته " : بعدد 4 مرات للتدليل على نفس الوجهة المهدوفة بالتكذيب وهم : الأنبياء عليهم السلام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم صلوات الله وسلامه : في سورة : الأنعام /21 ، الأعراف /37 ، يونس 17 ، الإسراء 59.. وبقراءة الآيات نجدها موجهة لحمله القرآن والمعجزات الدالة على صحة الرسالة .. وكذلك للتعبير عن تكذيب الحالة الرسالية بعمومها الخاص والعام .
كما ورد نفس المصطلح بقراءة : " أو كذب بآيات الله " بعدد 5 مرات .. وهي في : الأنعام /157 ،يونس/95 ، الروم /10 ، الجمعة /5
.. وكلها للتعبير عن حالة التكذيب الجمعي لآيات الكتاب وحملتها من الأنبياء والأولياء وكذلك تكذيب المعجزات وهذا واضح جلي في تجربة الني موسى عليه السلام وفي سورة الأعراف مثلا قوله تعالى :
{أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ }الأنعام157
.. ففيها
الوضوح لمفهوم آيات الله : في مجموع المصطلحات الدالة : " الكتاب ــ آيات الله ــ آياتنا ـ " معبرة عن حالة موحدة إعجازية وهى حامل الرسالة النبي المعجز محمد صلى الله عليه وآله والأئمة من بعده عليهم السلام..فهم يريدون النزول للكتاب كما كان اليهود والنصارى كتبا ليكونوا مثلهم !!وهو مفاد " الكتاب " في الآية . وللتعريف انه كتاب التنزيل هو قوله تعالى في السياق " جاءكم بينة من ربكم وهدى " وهو الكتاب الذي مع النبي صلى الله عليه وآله فيه التصديق والبيان.. وعندما جاء النبي صلى الله عليه وآله والذي كان عندهم صادقا أمينا كذبوا به وصدفوا عنه ، وتمنوا أن يكون القرآن على رجل من القريتين عظيم وهو قول الحق تعالى :
{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }الزخرف31
وقد ذكر الطبري رحمه الله في التفسير : عن ابن عباس قوله :
{ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم }
قال : يعني بالعظيم : الوليد بن المغيرة القرشي أو حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي وبالقريتين : مكة والطائف ।

وقال آخرون : بل عني به عتبة بن ربيعة من أهل مكة وابن عبد ياليل من أهل الطائف " ॥ وذكر : عن قتادة في قوله : { رجل من القريتين عظيم } قال : الرجل : لي ابن مسعود الثقفي والقريتان :
الطائف ومكة وابن مسعود الثقفي من الطائف اسمه عروة بن مسعود

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله :
{ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم }
والقريتان : مكة والطائف قال : قد قال ذلك مشركوا قريش قال : بلغنا أنه ليس فخذ من قريش الوليد بن المغيرة قال : لو كان ما يقول محمد حقا أنزل علي هذا أو علا قد ادعته وقالوا : هو منا فكنا نحدث أن الرجلين : الوليد بن المغيرة وعروة الثقفي ابن مسعود يقولان : هلا كان أنزل على أحد هذين الرجلين
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب : قال ابن زيد في قوله :
{ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم }
قال : كان أحد العظيمين عروة بن مسعود الثقفي كان عظيم أهل الطائف
وقال آخرون : بل عني به من أهل مكة : الوليد بن المغيرة ومن أهل الطائف : كنانة بن عبد بن عمرو ..
ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط عن السدي
{ وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم }
قال : الوليد بن المغيرة القرشي وكنانة بن عبد بن عمرو بن عمير عظيم أهل الطائف "
وذكر القرطبي رحمه الله في الجامع : " وقال السدي : كنانة بن عبد بن عمرو وروي أن الوليد بن المغيرة وكان يسمى ريحانة قريش كان يقول : لو كان ما يقوله محمد لنزل علي أو على أبي مسعود " وذكر السيوطي : " قال : خروج عيسى يمكث في الأرض أربعين سنة تكون تلك الأربعون أربع سنين يحج ويعتمر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وإنه لعلم للساعة قال : آية للساعة خروج عيسى بن مريم قبل يوم القيامة " (47)

والقرطبي : في الجامع : تفسير الآية والسيوطي : مثله وعليه باقي المفسرين ..
ومقصدنا من هذا البيان هوا ثبات صحة المصطلح القرآني الوارد في الآية .. وقد رد الله تعالى عليهم في الآية التي نحن بصددها فقال تعالى :
" .. فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ }الأنعام157 ..
واتهموا النبي بالسحر وكذبوه وحاربوه فكانت عليهم اللعنة والجزاء لتكذيبهم بأنهم : " أصحاب النار " وهو قوله تعالى في الزخرف :
" ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون (30) وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (31) أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون (32)
وفي تفسير الثعالبي لآيات الزخرف : " وبخهم سبحانه بقوله أهم يقسمون رحمة ربك والرحمة اسم " أي يفصلون بين القرآن والنبي صلى الله عليه وآله وهما الرحمة المهداة للعالمين . وهي المهدوفة في القرآن بمصطلح " آيات الله " وفي ذات الوجهة التعريفية بالمصطلح : جاء قوله تعالى : " أو كذب بآيات الله " بعدد 5 مرات .. في سورة : الأنعام / 157 ، و يونس / 95 ، الروم / 10 ، الجمعة / 5 " .. وهكذا تجئ الآيات الواردة بمعاني مختلفة تصب في جوهر تكذيب النبوة : فمثلا جاء في سورة الزمر قوله تعالى :
{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }الزمر63
وقد وصف المكذبون بالأئمة : وهم من خلف موسى ومحمد عليهما الصلاة والتسليم .. فهم الخاسرين والكافرين والظالمين .. وقد وصفهم تعالى بأنهم كالحمير الذين لا يفقهون وعي أنبيائهم وما جاءوا به من القرآن والتوراة ..
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } الجمعة5....
{" إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون }الأحقاف26
فقد كذبوا بالأنبياء والكتاب والمعجزات وهي البينات سواء .. كانت : الأنبياء و الأئمة عليهم السلام .. أو المعجزات الخارقة ... قال تعالى :
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال52
وبإجمال القراءة الإحصائية نرى مجمل الآيات المحتوية على مصطلح : كذبوا بآياتنا " قد وردت بعدد : 24 مرة ــ وفيها تأكيد على تكذيب الأنبياء والأئمة بوجه خاص وهم الأخص في منسب التشريف والتقديس والاصطفاء إليه تعالى وهو الذي اصطفاهم في الأزل : بموازاة مصطلح " عبادنا " وهو ما سيفصله مبحثنا .. وقد وردت : " أو كذبوا بآياته " 4 مرات .. وأيضا : بصيغة " أو كذبوا بآيات الله 4 مرات .. وبصيغة : " أو كذب بآياتي " وردت مرة واحدة .. وقد وردت بصيغة : " كذبوا بآيات ربهم " مرة واحدة .. وبصيغة : " ولانكذب بآيات ربنا " مرة واحدة .. وبصيغة : " ولا نكذب بآياتنا ربنا " مرة واحدة.. في سورة الرحمن البيان فيها واضح .. وقد جاء قوله تعالى : " فبأي ألاء ربكما تكذبان " 30 مرة : وفي التفسير : الآلاء : النعمة والنعمة في القرآن لها معنا خاص وعام فالخاص هم آل محمد عليهم السلام والعام : النعم كلها : لهذا جاء التكرار.. لإثبات الدلالة لهم في القرآن وفي الآيات دلالة واضحة على ظهور المهدي عليه السلام وهو في قوله تعالى في الآيات 8 ، 9 ،33: وعموما جاء مفرد : " كذب " كمصطلح بعدد 220 مرة في القرآن في حين وردت مفرد " صدق " بعدد 79 مرة " بما يدل على أن حالة التكذيب تشكل بما يقارب ثلاث أضعاف حالة التصديق !!
{وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ }الرحمن9
: " يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان (33)

ـ أنظر : مبحثنا : لمصطلح " السلطان " في القرآن ــ

http://mostalahkoraan.blogspot.com/2010/09/blog
http://manaberaliraq.net/vb/showthread.php?t=17432


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق