الحلقة الثالثة أزمة التقارير المزورة
رؤية تحليلية وسياسية مجتمعية
الشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي الهاشمي
http://omat-alzahraa.blogspot.com/2010/11/blog-post_4789.html
http://elzahracenter.wordpress.com/2010/08/29
Posted on 2010/08/29 by مركز أمة الزهراء "ع" للدراسات | تحرير
التقرير والقيادة الصالحة :
العلاقة بين التقرير والقيادة الصالحة هي علاقة جدلية من حيث دوره في الحالة الإيجابية البنائية ، الأمر الذي جعله في هذا السياق أمرا واجبا ـ والقصور في تسجيله أو أدائه يعتبر قصورا في أداء الواجب الشرعي الهادف إلى تصعيد الحالة البنائية الثورية ، وإذا توافرت في التقرير الشرعي جميع صفاته المنهجية والشرعية فإنه يكون متجها في هكذا حالة نحو البناء القاعدي وتصويب الحالة الثورية ..
بعيدا جدا عن جميع أشكال النفاق السياسي وأشكال المتاجرة المعلوماتية والاستخبارية بما يدفع الحالة ذاتها نحو الاستواء والاستقرار ، والتقرير المنهجي الإيجابي هو الحارس الأمين على الحالة المجتمعية والإنسانية ومحاوله تصويبها ايجابيا ، وهو الذي يكشف من خلال طبيعته النقدية البنائية .. عن قدرته على المراجعة والمحاسبة وتوجهه المطلبي الذي يناقش مسائل البناء الثوري ، فالتقرير الصالح الأمين المرتكز على النصح والنقد الأمين والمتجاوز للعبة التآمرية الميكافيلية هو الذي يعين القيادة الصالحة والثورية لأن تصعد في أعمالها الثورية البنائية في جو الاستقرار والاطمئنان الذي يوفره أساسا الجو الثوري الروحي الذي يسكن الحالة الثورية .. فعندما تحكون الحالة الثورية الروحية هي المخيمة على أجواء الحالة يكون الترابط الأخوي الجاد .. وتتوفر الأخوة العقيدية التي تحرم كل ماسوا ها ، وفي غياب الجو القيادي الصالح والقيادة الثورية الصالحة فإن التقرير المنهجي الشرعي القاعدي لن يضيف للحالة جوا جديدا من التصويب .. حيث تستخدم التقارير السوداوية كأداة سلبية نحو قمع القواعد الثورية من خلال استكشاف أحوالها وأخبارها ، وقد يكون هذا الانحراف نابعا أيضا من تجاهل تلك التقارير الربانية الصادقة ، حيث تنفك المعادلة وتصبح غير تكاملية حيث تواجد التقرير المنهجي في أجواء غير منهجية ، فهنا وفي هكذا حالة لا يجوز تقديم التقارير أساسا بسبب فساد الأحوال القيادية التي يغلب عليها الطابع الملكي أو الرمزي الذي يفرز كوادر وأتباع بنفس الأنماط .. وهكذا تتعطل التقارير المنهجية الفاعلة والثورية لعدم ثورية القيادة وصلاحها …. فالعقل الميكافيلي البراجماتي القيادي لا يحتاج إلى قرارات أو تقارير منهجية ، لأن المنهجية تعطل دوره وتسبب له القلق والوجع المزمن من حيث وقوفها في وجه التفكير الانتهازي والتآمري المنحرف ..
إن وجود قيادة صالحة على رأس الهرم الإسلامي الثوري سواء كان يمثله حزبا ثوريا أو تنظيما أو جهازا ثوريا هو من أهم الشروط لإستئنتاف الحياة الثورية في جو تكاملي وروحي تكون في أجوائه التقارير الحزبية أو التنظيمية مسكونة بالحب والعواطف الإنسانية التي يجللها الخوف من الله ومقابلته .
وهكذا فإن التقرير هوالذي يحدد طبيعة القرار الثوري والقرار التنظيمي ، ويحدد البوصلة الإيجابية أو السلبية لطبيعة الحالة أو استقرارها ، فعندما يكون هناك انحراف في خط القيادة المرجعية الصالحة يكون في المقابل انحرافا في المنهج وانحرافا في التقارير التي تصل القيادة .. ولضمان سير الحالة الإيجابية لا بد أن تكون هناك جماعات للمتابعة الميدانية تقوم بدورها الإيجابي الصالح الداعي لاعتدال البوصلة من الانحراف بعيدا عن الاتجاه التخابري الذي يفسد الحالة الثورية ويحرفها أيضا ..وهنا نلفت النظر أن حرصنا على متابعة التقرير قاعديا لا يعني بروز ظاهرة الحجاب الأموية على أبواب السلاطين يمنعون المراجعة والاحتجاج !! والمخرج من ظاهرة الحجاب وأعوان الانقلابات الملكية هو وجود قيادات صالحة وأمينة مشهود لها على المستوى الميداني وبهذا تكون المتابعة الميدانية هي من أهم الحلقات نحو توحيد حالة التكامل بين القيادة والقواعد الثورية الصالحة على قاعدة منهجية يكون في سياقها التقرير الشرعي والمنهجي ايجابيا وفاعلا ثوريا .
الباب الرابع
التقرير والقيادة المنحرفة
من خلال قراءتنا بين سطور هذه القراءة المهمة سلطنا الضوء في سياقه على استكشاف حالة [ إنسان الغيبة ] وهو الذي لا يملك منهجا في تفسيره للظواهر وهو المميز بسطحيته وأمثال هذه الشرائح من أنموذج إنسان الغيبة هو الذي تم تسخيره في عبودية للإنسان وتم استعباده في التنظيمات المشوهة المنحرفة ولتوظيفه كمندوب سيئ السيط بقوه باللهث وتسجيل التقارير أملا في توظيفه في إحدى الشركات التنظيمية ـ شبه الوطنية وشبه الإسلامية !! ـ وقد استثمرت هذه الجهازية المستهلكة فكريا واستراتيجيا ظروف هذه الشرائح كوكلاء مستأجرين يقومون كشرطة تنفذ مآرب هذه التنظيمات والأجهزة وقيادتها المهزومة والواقفة في الخندق المعادي للجماهير ..
وهكذا ينكشف إنسان الغيبة أمام الجماهير بأنه إنسان يسحق المبادئ والكيانات تنفيذا لمآرب سيده الذي استطاع مسخ أمثال هذه القطاعات وجعلها الحاقيات لنظام الناهبين وقطاعات المهربين تحت العناوين الوطنية والإسلامية !!
ولهذا نستطيع القول : أن إنسان الغيبة لا يستطيع إقامة وجود أبنيته إلا في الأجواء المنحرفة . وفي ظل هذا الفساد القيادي تكون القواعد الثورة والمجتمعية التابعة لها منحرفة أيضا وهو ما وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
[كما تكونوا يول عليكم ] (23)
______________________________________________
(23) أبو السعود ، محمد بن محمد العمادي : ( إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم ) : الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت ج2/ 23 = التحرير والتنوير ج1/ 4855
[ 9805 – لا تشغلوا قلوبكم بسبب الملوك ) وإن جاروا لأن منصبه يصان عن السب والامتهان ( ولكن تقربوا إلى الله تعالى بالدعاء لهم ) بالهداية والتوفيق فإنكم إن فعلتم ذلك ( يعطف الله قلوبهم عليكم ) فاستقيموا يستقيموا وكما تكونوا يول عليكم وكما تدين تدان والجزاء من جنس العمل ] (24) ( ابن النجار ) في تاريخه ( عن عائشة لرضي الله عنها )
ففي ظل هذا الجو السياسي يكون التقرير وسيلة غائية يستهدف تكريس الواقع الإنحرافي في القيادة ويسهم في إسقاط الحالة الثورية المنحرفة على الجماهير ذاتها .. ويبدأ التعامل في هذا السياق مع القواعد الشعبية على أسس انحرافية غير منهجية تغيب في سياقها أجواء المنهج الشرعي أجواء المصداقية الثورية الروحية والسياسية وفي هكذا سياق يمكن أن نحدد أشكال التقرير ودوره في تزييف العملية الإنحرافية في القيادة ويمكن ايجازة في التالي :
أولا : التقرير الغائي :
ويمكن وصفه بأنه تقريرا مصلحيا يستهدف تعزيز السياسة الفردية القيادية وتثبيت المنهج القيادي السلطوي وأدواته الثورية السلبية ، والتقرير الغائي هو الذي يبرر الوسائل القيادية وأهم ما يمكن وصفة بالتقرير الميكافيلي الاتجاه والذي يتعزز خلاله طابع المصلحية وهو غير محكوم بالوسائل المنهجية أو الأخلاقية الشرعية ، من هنا فليس أمام التقرير الغائي أي ضوابط أو حواجز تمنع من تسجيله أو نقله لطالما يصف في مصلحة القيادة الشوفينية الفردية ، ” الستالينية العرفاتية “ ذلك أن هذا النمط من التقارير مرتبط جدليا بالواقعية الفردية ويهيمن عليه وسائط الرشوة والوسائط المالية المشبوهة وهنا يمكن توجيه اختراق لإنسان الغيبة فيكون شبه شركة أمنية يوزع المعلومات لكل منتفع . !!
وتكون الدكتاتورية الفردية والتسلطية القيادية مدعاة كما ذكرنا لانفراط العقد التنظيمي بسبب لجوء الأفراد إلى تفريغ النوازع المكبوتة في طيات هذه المركبات النفعية الرخيصة الأثمان وكل ذلك يتحمل مسئوليته القيادات المتخلفة والتي أعلم الله بوجهتها ؟؟ وفي دراستنا : الرمزية في القيادة ذكرنا الطبائع الفردية القيادية ومواصفاتها وغائيتها ، وعلاقة هذه الغائية بالنزعة الإستخبارية . فالقيادة الفردية حين تفرز كوادر تلفيقية مهماتها تسجيل التقارير البوليسية الليلية عن القواعد الثورية لا يهمها أساسا البناء المجتمعي بقدر ما يهمها الغائية الفردية التي تعتبر الكوادر هي أهم أشكالها وأنماطها الثورية المنحرفة . فإنسان الغيبة غير المنهجي هو إنسان تلفيقي في تركيبته وفي هذا النمط لا تكون التقارير محكومة بأي ضوابط وتتصف بالطابع الوصفي والنقلي المسموع ، فكل ما يسمع يكتب بدون تثبت ولا تبين وهو ما
______________________________________________
(24) المناوي ، عبد الرؤوف : ( فيض القدير بشرح الجامع الصغير) : الناشر : المكتبة التجارية الكبرى مصر ط1/ 1356هـ ، ج 6/ 404 ، رقم 9805
يوصف في القرآن الكريم :
{ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ }المائدة41
{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ } المائدة42
وهم من يتصفون بالنهب من الجماعات التغييرية يسرقون ميزانيات الأعمال الجهادية ويدفعون الكذب ثمنا بخسا لشراء مواقع تنظيمية فيكونوا ضباط أمنيين مجهولين . وعلى الدوام تشكل كما قلنا هذه الشرائح أدوات عمالية رخيصة لمآرب المنافقين وهنا لا يستغرب و لا يستهجن الفرد المجاهد أن يكتب إنسان الغيبة آلاف التقارير السرية للقيادة .. حيث تعجز القيادة من أن تحشوا هذا الزيف الكمي في أخطر الكمبيوترات التي تحتاج عشرات الموظفين العاملين في حشوها في العقل الالكتروني كمحاولة إضافية لتكريس
الظواهر الانحرافية وتكريس مستلزماتها القيادية .. وبهذا ينجح ضابط إسرائيلي متخلف أن يقود هذا الجيش من المتخلفين كمستكتبين له عند قياداتهم فيكون عبر البوابات قد مسخهم في غرف العار علي كيفية خوض نماذج التقارير السوداوية ومن
تجربتنا العتيدة في سجن النقب الصحراوي استطاع الضباط الإسرائيليون من تحريك العملاء والمستكتبين الساقطين في فلكهم لإثارة الحروب بين التنظيمات وفي معارك يسقط فيها القتلى والجرحى من جراء عبثية هؤلاء المتخلفين وهم يلهثون ونراء المحتل ليكتبوا اعترافات كاذبة بأنهم مرتبطون وبالتالي يسجلون آلاف الأسماء عن الأحرار والشرفاء على أنهم مرتبطين فتبدأ ظواهر الإفك السياسي ويروج باقي المتعاونين مع المحتل البغيض في إثارة الشبهات عن باقي الأحرار فيحول السجون إلى محرقة من التضاد الداخلي ويسود التفسيخ التنظيمي على حساب تيار الوحدة وبهذا نرى أن التقارير الغائية المزورة يتم تكريسها لصناعة أنموذج إنسان الغيبة
[ انظر تجربة سجن أبو غريب وغوانتناموا وسجون شاه ايرا ن : السافاك ]
وكيف حولت التقارير الكاذبة السجون إلى واحات لتفكيك أعتى التنظيمات الثورية وإيقاع قادتها الأحرار تحت سيف السجن والجلاد !! وأدوات بوش وبلير ومخلفاتهم المافوية .
ثانيا : التقرير الإستخباري :
يقول النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم :
[ خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته " وفي حديث آخر : خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم . قال عمران : لا أدري أذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعده قرنين أوثلاثة ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " ان بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن " ..
والسمن كما يشرحه ابن حجر العسقلاني هم الذين همهم المطاعم والمشارب وكثرة النمال ويدعون ما ليس من الشرف " (25(
هذه الحالة والشريحة المجتمعية هي التي تكون الهدف الضحية لرجال البوليس المهيمنين على أجهزتنا ومؤسساتنا . وكون العقل الاستخباري هو الذي يحدد الحالة الفردية النقلية فيمكننا أن نصف القاعدة التي يرتكز عليها هذا العقل بأنها عقلية " تجسسية " تعتمد التجسس المحرم على القواعد الثورية أو الشعبية دون أي مرتكزات منهجية أو قواعد شرعية في نقولها ..
.. وكما بينا في دراستنا الغيبة في المفهوم الشرعي والسياسي : أن الارتكاز على القواعد غير الشرعية في المسائل والنقول الأمنية يفقد التقرير أو الملف الأمني طابعه المنهجي والشرعي من كونه اعتداء على حرمات المسلمين وأخبارهم الخاصة ، وإذا كان اختلاس المعلومات منة وراء الأفراد محرما ، فإن التقرير الاستخباري يكون في غالبه محرما !! لهذا يمكن تحديدنا للحالة الإسلامية أو السياسية التي تعتمد هذا المنهج بأنها حالة انحرافية من أساسها بسبب عدم ارتكازها أو اعتمادها على المصوغات الشرعية ، بما يجعل التقرير الاستخباري غير شرعيا وغير لازما !! ولهذا فالتقرير الاستخباري الظالم هو الذي يحمل طابع المظلومية للحالة المجتمعية وكذلك الأفراد المجتمعيين يقول تعالى في الحديث القدسي :
" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " " ولهذا جاء في الحديث الصحيح عند مسلم رحمه الله من رواية أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يقول :
______________________________________________
(25) العسقلاني ، شهاب الدين بن أبي الفضل : ( فتح الباري بشرح صحيح البخاري ) : " ابن حجر " ج6/186 ــ 188 " باب شهادة الجور "
) يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ] (26(
” ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق (50) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (51(
فسواد المظلومية في الحالة الثورية يكون من خلال اعتماد الحالة على القواعد الجائرة في المعاملات القاعدية البنيوية . وهكذا تحكم العقلية القيادية بالانحراف على ذاتها من خلال اعتمادها على القواعد والمناهج الإنحرافية في الوسائل البنائية ..
من هنا يمكننا تحديد التقرير المخابراتي بأنه يستهدف عملية تطويق للأفراد المنظمين والثوريين من خلال إيجاد الأجواء الإرهابية والنفسية التي تضغط باتجاه خضوع القواعد الثورية والاتجاهية للسياسات الفردية القيادية ، حيث تعمل الكوادر المخابراتية والأجهزة البوليسية في العمل الثوري بمثابة أجهزة للملاحقة الداخلية حسب المتطلبات القيادية والتي يكون الوضع القيادي الثوري خلالها أشبه بالقيادة البوليسية أو شرطي مهماته ملاحقة الأفراد ، إن هكذا أجواء في أوساط العمل الثوري والجهادي من شأنها أن توجد أجواء الإرهاب والخوف والشك والريبة وأزمات الثقة بين القيادة والقواعد الثورية العاملة . حيث يصبح التعامل الثوري
محكوما بالأنماط البوليسية وسياسات التخابر بين الأفراد وتكثر القصص والهواجس حول كتابة التقارير عن الأفراد والقيادات الميدانية بحيث يدفع ذلك تخوف القواعد الثورية من بطش القيادة وأزلامها وكوادراها الاستخبارية أكثر من الله عز وجل وعقابه المؤجل !! وبهذا الوضع المأساوي تخشى القواعد الثورية على ذاتها من عملية التشويه الذاتي والاتهامات القيادية لها بوصفها بالخيانة أو بالعمالة على أقل التقدير !! وهنا وفي ظل هيمنة الاتجاه الاستخباري :
وفي أجواء سيادة التقارير المزورة يكون هم العضو الثوري أن يخرج من هذه الحركة أو ذاك التنظيم شريفا فقط ولو خسر كل ما يملك في هذه الحياة !! وتصبح الضغوط والتهديدات ورسائل الوعيد والتهديد ووسائل التحقيق أو الخطف هي الهاجس الذي يهدد القواعد الثورية ويضغط باتجاه صمتها عن النهج الانحرافي الظالم في القيادة في ظل واقع مأساوي لا تتورع كوادر القيادة المنحرفة والإستخبارية من إطلاق حملات التشكيك والتشهير على أي عضو ثوري يخالف القيادة وأولياءها الصالحين المزعومين !! والذين يلبسون المسوح ويزعمون التقوى
على حد قول السيد المسح عليه السلام في الإنجيل!! وهنا لا يمكن الاستهجان لو أن هذه الجماعات قامت بتسجيل ” شطانات ” من التقارير في عضو ثوري واحد موصوف بالمعارضة أو الاختلاف المنهجي مع السلطة الحاكمة في التنظيم أو
الحزب الثوري !! وفي هكذا أجواء تسود الغيبة ويسود النفاق السياسي والدجل السياسي الذي يعتبر أهم الملامح والشروط السلبية في التقارير الاستخبارية القيادية ،
__________________________________________
تفسير ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج2/ 421 (26)
فالتقرير السري المفتوح مع تليفون أو عنوان القيادة أو مع وسائلها المؤسسية أو التنظيمية هو الذي يشكل عملية طعن العمل الثوري بسبب اعتماده على سياسات الخفافيش الظلامية النفاقية .
وهنا يمكن إطلاق مصطلح :[ الظاهرة الخفاشية ] بأنها العنوان والتصور البشع والذي يجلب العار والسقوط على مسار العمل التغييري البنائي !!
حيث تتصف هذه الخفافيش بأنها شخصيات ميتة القلب وظالمة في حكمها على القواعد البنائية وهذا راجع لعمليات المسخ التعبوي الحزبي والفردي والهادف لخلق قواعد من الرعاع والمنافقين وجيش من المتنفذين يقادون لتحقيق مآرب هذه القيادات الديماغوجية ..
ويمكن إخضاع هذه الخفافيش بوسائل شرائية أو مناصب قيادية أو اغرائات مالية أو سكوت القيادات الموالية لها عن انحرافات محددة في مسارها ، هذه الانحرافات هي التي تدفع شرطة الدجال القيادة الليلية لمواصلة أعمالها السرية الهادفة لتكريس الواقع الفردي لهيمنة القيادات الفردية وسياساتها المنحرفة !! وهذا ما يدفع هذه الشرائح لأن تشكل جدارا نفاقيا صلبا بين القيادة والقواعد الثورية الصالحة وتجعل منها بطانة السوء التي لا تعين القيادة الرمزية الفردية إلا على مواصلة الانحراف لأنه بانحراف القيادة تضمن هذه البطانة بقائها في أجواء السلطة !!
إن هذه النماذج الإستخبارية تنظر إلى القواعد الثورية بكل استخفاف وتعتبرها عاملة في ظلال سيدها المالك الذي يجب أن تعمل معه بصمت وطاعة مطلقة لأن معصية الإمام والقيادة حرام شرعا !! هذا و إن الفاحص للواقع السياسي الفلسطيني يجد هذه المنهجية السلبية هي السائدة وفي ظلال غياب المنهج الثوري العادل الذي يعتبر القواعد الثورية هي صاحبة القرار والهدف الذي يمكن أن يحدد طبيعة الواقع السياسي واتجاهاته ذاتها !!
كما يمكن تحديد طبيعة التقرير الإستخباري وعلاقاته ودوره الإيجابي الفردي القيادي الذي هو مرجعيته ..
إن التقارير الإستخبارية هي عملية تعويض للفشل القيادي وقدرته في التعامل مع العملية الثورية البنائية ومع القواعد الثورية ذاتها !! وإن رؤية منهجية ايجابية صحيحة هي المخرج لأزمة التقارير الفاسدة التي غطت واقعنا وأحزابنا وتنظيماتنا وثورتنا عشرات السنوات لتنتهي التقارير الأزمة بحالة الانهيار الشامل التي نراها اليوم !!
أزمة تقارير أم أزمة قيادة :
إن أزمة التقارير الفاسدة والمنحرفة في العمل البنيوي الثوري تجيء كإفراز لانحراف وأزمة القيادة التي أفرزتها أنماط التعبئة الثورية ، وأن بروز هكذا أنماط تسهم في تغييب المنهج الثوري وجعله أداة لخدمة الخط القيادي المنحرف وتجعله بديلا عن المنهج التغييري ، من هنا فإن المحاكمة لا تكون للمنهج الثوري بقدر ماتكون المحاكمة للقيادة التي أسهمت في إحداث تغيير في التفسير المنهجي الأمر الذي ولد أزمة تراكمية ذاتية تبلورت في التيار الفردي الشخصاني البديل .. وعليه فاعتماد التقارير الإستخبارية إنما تجيء كتعويض عن حالة أزموية في القيادة الفردية أو الحزب الفردي ” الستاليني ” ” العرفاتي ” .. وتحويل العمل الثوري التغييري الحضاري إلى نظام المكاتب وبالتالي إحاطته بنوع من البيروقراطية السياسية والبروتوكولات الطبقية التي تجعل من الواقعية الفردية نموذجا ثوريا بديلا ، وفي ظل النظام المكتبي ” نظام الشركات الربحية ” تبرز الظواهر السلبية ” التقارير الفاسدة ” لكي ترسم ملامح الحركة الثورية الجديدة ومواصفاتها !! ، بحيث تشكل القيادة الثورية المكتبية التي تعطي الأوامر وتتلقى التقارير كوسيلة انحرافية في العمل الثوري الميداني ، فالتغيير الميداني في القرار الثوري لحسابات الأنماط الثورية مدعاة لبروز ظاهرة : [ الوجاهة الثورية ] التي تكرس ظاهرة الغوغاء الثورية : وهم الذين يشكلون العمود الفقري وأزلام القيادات المكتبية التي تجزئ الحالة وتتشابك في علاقاتها القاعدية والعامة خارجيا وداخليا بما يحافظ على ديمومة المكتب الثوري مفتوحا أمام الزائرين والوجهاء والتقارير الإستخبارية أيضا ــ إن هذه الأزمة القيادية والتي جعلت القيادة الثورية في المأزق تجعلها في الخندق الدفاعي الذي لا تحسد عليه ، وفي ظل غياب الامتصاص الثوري القاعدي يشكل التآمر الخيار الآخر ويتم بالتالي الشروع في حرب التصفيات والاغتيالات والمحاكمات بغطاء التطهير الثوري .. وهذا التطهير هو إفراز طبيعي وسلبي
تطول المئات والآلاف من المناضلين الثوريين على خلفية المعارضة أو النقد للقيادات الرمزية المتـشرعنة ، من هنا فإن القيادة الرمزية التي تعتمد التقارير لظاهرة التقارير الإستخبارية التي تحدثنا عنها .. وهكذا تستخدم القيادات الثورية المكتبية كل الوسائل العلمية والفاكسات العالمية ودور الإعلام الدولية والأجهزة الإستخبارية العربية والدولية لتكرس وجودها كظاهرة . .
من هنا تشكل التقارير الفاسدة والمزورة جهاز قياس الترمومتر التي تقيس القيادة من خلاله حالة التناقض في القواعد الثورية وقياس حرارة المعارضة والقوى المتقدة ومدى تحملها للظاهرة الإنحرافية ــ لا لتعالج المسائل بطرح برامج بنائية بديلة ولكن لتصعيد الأجواء الميكافيلية والتآمرية والشروع في الاغتيالات والتصفيات التي قد المزورة والكاذبة تكون قادرة على تصفية المخالفين وتحطيم الاتجاهات المعارضة والعمل على تصعيد حدة التناقض في القواعد الثورية مما يجعل هذه القواعد في مجال صراعي بعيدا عن أجواء القيادة ، هذا الجو التآمري الذي يحكم القيادة الفردية يدفع بطول فترة حكمها للحزب الثوري وقيادتها للقواعد الثورية وهكذا تسهم التقارير المزورة ولعبة حرب التقارير عموما كظاهرة سلبية في خلق الأمن الإستخباري المفتوح ، فوكلاء القيادة وأزلامها يكتبون التقارير ويقومون بالدور الإستخباري اليومي لصالح القيادة !! والأعضاء يكتبون عن بعضهم البعض ، والقيادة الميدانية التابعة تكتب في الأعضاء والأعضاء يكتبون في القيادة وعملاء المخابرات يكتبون عن الجميع !!
هكذا وفي ظل الأجواء الإستخبارية الداخلية تحول القيادة الفردية الرمزية ساحات العمل الثوري إلى وكالة استخبارية مفتوحة بفضل التقارير السرية المفضوحة والتي تخدم في النهاية العدو الحقيقي الذي يسعى لتدمير الحالة برمتها من خلال تدعيم الظواهر الإنحرافية في المؤسسات الثورية ذاتها !! وفي هكذا وضع انحرافي تبرز الدكاكين الثورية وتبرز مراكز القوى التي تتحكم في القرارات القيادية ذاتها ، وهكذا شيئا فشيئا تضيع السلطة القيادية والقرار المركزي الفردي ذاته بتصاعد التيار الانتهازي الثوري الذي يبرز في ظل تغييب كامل العناصر الثورية النظيفة التي يتم استئصالها والقضاء عليها بالتشويه والاتهام ، وبفعل حرب التقارير الفاسدة يكون انهيار الحالة الثورية نهاية حتمية !! وهكذا تتقدم القيادة الفردية لتصنع مجدها بانهيارها بفعل بروز الانشقاقات والتصدعات في العمل الثوري من خلال بروز الشلل والمحاور القيادية خلالها ، وهكذا تكون نهاية القيادة من صنع يدها !!
[ فماذا سيشكل الدجل السياسي والتآمر التنظيمي والصراع الحزبي المعقد من أي معايير روحية أو أخلاقية ثورية في وجه ظاهرة الإفساد العبري الصهيوني الذي وصل الآن ذروته ، حيث يعلو اليهود بانتظار أمير السلام الدجال ذاته ، لاكتمال مملكة التزييف والدجل .. الصهيوني في العالم .. لقد جربنا الدجل طوال مرحلتنا الصراعية .. جربنا دجل القيادات الرمزية الثورية !! وجربنا دجل التنظيمات والأحزاب وتراكماتها الحزبية المعقدة !!
جربنا في كل هذا السياق وداخل وطننا الفلسطيني المقدس تحديدا أشكال الصراع الإسلامي الوطني .. فما النهاية ؟؟ الإفلاس في التكامل المنهجي .. الإفلاس في تحقيق البرامج .. الإفلاس في صياغة المنهج الثوري وحتى التنظيم الثوري الذي عاش هو الأخير في أزمة الانهيار الأخلاقي والروحي ذاتها .. وبالتالي فقدت هياكلنا روح المنهجية القرآنية وتحطمت الوسائل بفراغ هذا التوجه .. ] (27)
هذا .. وأن .. [ المنظور الاستثماري كقاعدة قانونية للعلاقات البنائية نابع من أزمة في طبيعة العلاقة مع الجماهير وعن سوء تقدير لهذه العلاقة ، وهذا في الأساس راجع في نظرنا لأزمة الوعي والتخلف القهري الحزبي الذي نظر إلى الجماهير في الأساس نظرة فوقية محكومة بالعقل النخبوي أو منطق الصفوة الذي يضع الكوادر الحزبية والتنظيمية في أزمة القيادة السيادية المرتبطة على قاعدة قيادة الجماهير !! أي أن هذه الأحزاب نظرت إلى نفسها كمرجعية قانونية شرعية من خلال قانونها لا من خلال قانون الجماهير وبدت العلاقة القائمة مبتورة وينتابها جو من الغرابة السلوكية
______________________________________________
(27) البيومي ، الشيخ محمد حسني : ( الأزمة الروحية والثورة الروحية ) ، ط 1/ 1993 ، ص 16 ، 17 : غزة هاشم
والنفسية وحساسية في الموقف العام للجماهير تجاه الأحزاب ، ناهيك عن النظرة القهرية السلوكية التي تعاملت بها القوى والتنظيمات الحاكمة للجماهير] (28(
.. وان على المجاهدين الأبرار الذين يحملون رايات التغيير الحضارية أن يسبقوا الزمن من خلال تعميق الجذور العلائقية مع القواعد الثورية المخلصة ومع كل القطاعات الشعبية المخلصة بعيدا عن ظواهر الانحرافات السلبية التي أسهمت بشكل خطير في صياغة حالة الانهيار والهزيمة التي يمر بها شعبنا بفعل ضغوطات الاتجاهات التغريبية المزيفة على واقعنا والتي جعلت كثير من القوى والحركات التغييرية تتقابل في النهاية مع عدوها الأساسي والمركزي وذلك بسبب اعتماد المنهج المزيف في أعمالها الثورية التغييرية .
ثالثا : التقرير الحزبي :
يقول تعالى في الحديث القدسي :
” ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ” وفي سياق هذه الكلمات المقدسة يلزم تحديدنا للخندق الإيجابي البنائي كمحاولة أولية نحو مرضاة الله تعالى في كونه هوالغاية العليا من وراء السلوك الثوري والالتزام الثوري في سياق المشروع الرباني البنائي .. ولهذا فاللوم الذاتي إنما يأتي من إيجاد حالة من الانحراف المنهجي في مسألة الولاء ولهذا الرباني الثوري الروحاني هو الذي يجعل من مرضاة الله تعالى الغاية
والإستراتيجية .. يقول تعالى :
{الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً }النساء76
هذه القاعدة القرآنية هي التي تحدد التوجه الثوري والنضال والمواقع الثورية التي تصعد بالإنسان إلى الله خالصا بدون شريك في الفعل ، سواء كان هذا الشريك نفس الإنسان الأمارة بالسوء أو القيادة أو الحزب الثوري ، فإذا اعتقدنا أن هذه الوسائل هي طرائق لغايات ربانية محمودة فيلزم أن تكون الخيارات متطابقة مع هذه الغايات
.. { وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ }
وقد يكون الحزب أو المنظمة أو القيادة هو طاغوت أيضا يحرف المجاهد عن مساره ..
واليك عزيزي القارئ أن تعود بالذاكرة لجميع المواجهات المسلحة بين قيادات وقواعد التنظيمات الفلسطينية والعربية في فلسطين ولبنان وفي سجن النقب الصحراوي الشاهد الأسوأ !! ــ وكلها من أجل العناصر المأجورة أوالكراسي
(28) نفس المصدر السابق : ( ظاهرة تصفية العملاء : التاريخ وجذور الأزمة ) ، ص 110 ، الط1بعة الأولى : 1994 م : غزة هاشم : “ المنظور الاستثماري الحزبي للجماهير . “
الممسوخة !!
من هنا يمكن تحديد عملية التعامل وقواعدها بعيدا عن الخنادق والأهداف الحزبية القاصرة والتي قد تحرف الفرد المجاهد عن غاياته وأهدافه الربانية ، من هنا يمكن التعامل مع العقل الحزبي السلبي بأنه سلوك انحرافي عن الغاية الأساسية .. فالتقرير الحزبي في هذا السياق هو تعبير عن حالة منغلقة وفردية الاتجاه .. حيث سواد منهجية التفكير الحزبي كدائرة يلزم القواعد الالتفاف من حولها .. والعمل على سيادة متطلباتها الحزبية التي يفرضها الواقع الشخصاني والتعبئة الحزبية المسبقة هي التي تنطلق من الدوافع الشخصانية الفردية وسياساتها التي تنعكس على السلوك الفردي والجمعي الذي يمثل القاعدة التي تؤمن بأفكار الحزب وأفكار قيادته .. وخلال تناول قراءتنا لمنهجية التفكير الحزبي وآثاره توصلنا أن العقلية الحزبية هي الخاضعة للفكر والتفسيرات الشخصانية الفردية والتي يعتبرها الفرد الثوري مصدر تفكيره واتجاهاته السلوكية الحزبية والتي ترسخ فكرة :
[ الإنسان للجهاز وليس الجهاز للإنسان ] وهذه القاعدة التي تناولها الأستاذ خالص جلبي في كتابه النقد الذاتي ” نراها هامة في الاستدلال ومن خلال التجربة .. (29)
إنما تؤكد فكرة التقليد والتمحور حول الشخصانية المنغلقة والتي تتجه بالفرد نحو الجمود والتقليد الذي يصل بالحزب في المفهوم الفردي أو الجمعي بالدائرة التي يجب أن يلتف حولها الجميع .. والاتجاه الحزبي بما يحمله من اتجاهات ايجابية أو سلبية
تحكمه تفسيرات منغلقة تجعل من الدائرة الحزبية التي يتبعها الأفراد هي المصدر الحق في جميع تفسيراته .. ومهما تغيرت لبوس الحزب فإن العقل التفسيري الحزبي واحدا إلا ما رحم ربي !! فالعقل التفسيري الحزبي ليس له مثالية بل كل همه تنفيذ آلية محدودة منغمسة في الإخفاق وقصور المنظومات السلوكية وكما يقولون الحزبي أعمى فاقد البصيرة له تعددية الألوان ..
من هنا يمكن تحديد مواصفات التقرير :
الحزبي في عدة اتجاهات ومواصفات :
1 ــ التقرير الإيجابي أو السلبي محكوم عليه بعقلية المرجعية التحليلية للحزب دونما تحرير جمهور الحزب في العملية الإبداعية وهذا ما يجعل الأفراد الحزبيون هم منفذون غير متنفذون مسلوبوا الارادة دونما إبداع ثوري في نضالهم وهذا ما يدفع الظاهرة إلى الجمود . أي أن مهمات الحزبي ليس الحوار نحو الحرية والتحرير بل هي توصيل الأخبار والمعلومات للقيادة الحزبية والتي هي صاحبة الشأن في تحديد الوجهة الحزبية وتحليل غاياتها الفردية النمط والاتجاه . فالقمع الذي تفرضه الأجواء الحزبية على الأفراد الحزبيين يعمد إلى إيجاد حالة من المسخ العقائدي ويقمع الاتجاهات التحليلية تحت غطاء صلابة القيادة حيث يصبح الفرد الحزبي أداة فردية في يد المركزية الحزبية .. وبهذا نصل إلي تغييب الاتجاه الذاتي في تفسير
التقرير الموجه للدائرة الحزبية ذاتها .. ويجعل التقرير مصبوغا بشخصية القيادة أي هم الحزبي إرضاء قيادته والتفاني في ديمومتها أو كما يقول الهتافون : يعيش الحزب …
___________________________________________
(29) خالص جلبي : النقد الذاتي ص119 ، ص 224
.. فيكون الفرد مسلوبا حتى من الإبداع والنقد أو تذييل الملاحظات على التقرير المذيل من مسجلة ، وبهذه الأحادية يكون التقرير سيفا مصلتا على أفراد الجمهور عامة والحزبيين خاصة !! وكما يقول الحزبيون لخصومهم :
[ إن ديتك تقرير واحد ؟؟ ] فهو يشطب ويحرم حتى من ذكرى تاريخه الطويل في الحزب لأن الحزبيون هم قطاع من المسلوبين والعميان يتحسسون الأعمدة ومرتكزات الحزب كإشارات مرور حتى يفهموا قيادتهم بالإيماء ” على الطاير ” فالغبي ينتج تقريرا غبيا ليس إلا !! وهكذا تصل الحالة برمتها إلى خصي القدرات الإبداعية القاعدية يكون المخلصون المستثنون هم أعداء القيادة الصليبيين !!
مهما اكتنزت جوانحهم وفكرهم البنائي فليس المطلوب تعددية المفكرين بل هناك مفكر واحد وهو رئيس الشركة الوطنية !!
[ تاجر الشنطة الكبير !! ] [ التجربة الشوفينية ل " خالد بكداش " رئيس الحزب الشيوعي السوري ] ؟؟
2 ــ الإنسان الحزبي الذي يقدم التقرير السلبي أو الإيجابي لدائرته الحزبية هو بمثابة واسطة بين القواعد الشعبية والحزب الثوري ، ولذا يعمل كبوسطجي مهماته إخلاء مسئوليته بتقديم المعلومات دونما قراءة احتماليان النتائج ؟؟ مهماته تقديم التقارير أو استلام الأوامر !! ولهذا فأن الإنسان الحزبي كما التقرير الحزبي ممسوخ الإرادة ومن القدرة الاعتراضية بسبب الغائة لمنهجية التفكير العقلي والنقدي ..
ولذا يمكن وصف الإنسان الحزبي بأنه يقوم بدور المخبر غير المبدع القاسي غير الحنون في دائرته ، فهو أعانه الله على الصواب لا حراك فيه ميت وأشبه بخشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذروه .. من هذه الخلفية عزيزي القارئ يمكنك تفهم دوافع هذه القراءة حيث تشكل التقارير الحزبية السرية أسوأ ظاهرة حزبية أو تنظيمية تشهدها ساحات العمل السياسي . فالحزب الذي يعتمد التقارير المنقولة دون آراء القواعد الثورية بها إنما يعطي التفسير الأحادي القيادي ويشطب القدرات الإبداعية والأفراد في فهم القيادة الحزبية الأحادية هم وقود الثورة يمكن سحق مظاهراتهم بالملايين ” تجربة ستالين تحتاج إلى نزع الستالينية ” من هنا فظاهرة الاستقطاب الحزبي هي أمنية و روحية تكون قادرة إلى شحذ الهمم والعواطف نحو الحرية وإرساء المفاهيم الإنسانية
[ تجربة السيد حسن نصر الله ] أدامه الله ..
3 ــ العقل الحزبي في تفسيراته للنقول أو الآراء أو التقارير لا يؤمن إلا بالتصور الحزبي لها ، لهذا فإننا نرى أن التقرير الحزبي هو من أخطر الأدوات السلبية المعرقلة للعمل البنيوي والثوري .. ولهذا ولكي يحمي الحزبيون ذواتهم فهم يلجئون إلي تسعير الهجمات على الخصوم لتعريتهم والهاء الجمهور عن فضائحهم وسرقاتهم وبنائهم للأبراج وتجارة الذهب المزيف والقصور المستأجرة من أموال المذبوحين من آل محمد ؟!! والظاهرة الأنكى عندما يتمسحون بالقديسين ويروجون للحرب والدعاية عليهم ويصدرون صكوك الشطب أو الطرد القسري للمجاهدين بتهمة العمل العسكري على مذهب التشيع لأل محمد الطاهرين ؟؟ أي قلب الصورة بالصورة الأمريكية الصهيونية المرادة داخل منظومات الأحزاب العاملة :
أي بالصريح رمي الأحرار بالتشيع بمال الشيعة !! وهذا الملف الأسود يكفينا فيه الإشارة إلى صريح النقد والبيان !! وفي الأمس القريب شنت صحيفة الهدف البيروتية في الصفحة الثانية لها على مدار السنين عنوانا : تقول فيه : [ تكرش حتى عاد بلا رقبة ] واليوم تكرش الحزبيون بالآلاف حتى عادوا بلارقبة وبلا نفس زكية فهم العدو فلتحذرهم الجماهير .. ” لهذا فالعقل الحزبي قائم على ” حرب التشكيك ضد الجماعات ” .. (30)
وفي حالة استعداء تام واستنفار ضد المخالفين له ، لذا فإنه يرتكز على قاعدة :
” إذا لم تكن معي فأنت ضدي !! ” ..
من هنا فإنه يندفع بتقاريره السلبية ضد الآخرين على قاعدة أنهم خصومه أي تحويل الحزب الثوري إلى قطب للملاحقة ضد الخصوم فيما نسوا الجماهير والعدو المركزي ويوم الحساب !! :
[ إن منشأ هذا المرض ينبع من الروح الحزبية أي التكوين القائم على : أولا ما عندي الحق المطلق وما عند الآخرين الخطأ المطلق ، وثانيا : روح التعصب ضد الآخرين وثالثا : روح التحامل ضد الآخرين بأنهم ـ يفترض ــ خبيثون .. إن اختلاطات هذا المرض لا حصر لها ، تبدأ من عدم تحمل الآخرين وعدم الاتصال بهم ، والتشكيك الدائم بهم ، والحرص الأعمى على التمسك بالأتباع ، وشحنهم بأسلوب أو بآخر ضد الاتجاه الآخر ، ثم تطور الأمر في بعض الظروف إلى الإرهاب والفتك بالآخرين وإيذائهم وقتلهم ] (31)
إن هذا النمط الحزبي غالبا ما يدفع الفرد إلى تسطير الاتهامات والتقارير الفاسدة للقيادة انطلاقا من المركب الحزبي الذي يصور للعضو الحزبي : أن الآخرين هم ” كفار وغير مسلمين ” أو هم جماعات من الروافض والمتمردين والمارقين أو الخونة التابعين لمنظمات مشبوهة !! فهكذا واقع حزبي يندفع الحزبي لإعلان
الحرب غير المقدسة في تقاريره الخاطئة والمنحرفة ضد أعداء تلك المنظمات التي تخالفه فكريا أوسياسيا فيصبح ويمسي ومصطلح [ الخيانة ] تسبيحه وأنشودته .. مع كل ما يلحق الخيانة من أحكام الطرد من رحمة الرب الحزبي غير المحمود و.. هكذا يتحول المنهج إلى كرباج مسيف للخوارج والناقدين للقيادة الحزبية أو حتى من تسول
له نفسه ويقوم بتسجيل تقرير في القيادة إلي القيادة ويبدو في السياق مصطلح : النقد الذاتي خارج عن القانون ويحتاج إلى محكمة أمن دولة !!
وهكذا يستبيح الحزبي الأعمى كل المحرمات ، ويفتي بالفتاوى التي تكرس واقعه وسياساته الحزبية التراكمية .. قول الحق تعالى :
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ }التوبة65
(30) نفس المصدر السابق : ( خالص جلبي : النقد الذاتي ) ، ص237
(31) نفس المصدر السابق : ص237 وص 239
[ الحلقة الثالثة ]
الأزمات النفسية لمسجلي التقارير المزورة
الأزمات النفسية لمسجلي التقارير المزورة :
لابد لنا من إدراك الحقيقة الهامة وهي أن مسجلوا التقارير الأزمة هم يعانون أصلا من مركب أزمة وكما يعنون في تحلينا وخبرتنا من إشكاليات وإخفاقات معقده من جراء أزمات مجتمعية أو إخفاق ذاتي وأسري أرادوا خلفه من التمويه وإسقاط حالة العجز المجتمعية على الواقع السياسي وتفريغ حالة الحرمان الذاتي بالوصول إلى المقامات والوسائط التعويضية .. وعليه يجب قراءة التقارير قراءة تحليلية من متخصصين اجتماعيين على مسجلي التقارير المزيفة للبحث في مركبهم وقراءة عمليات الدوافع الأمنية والاجتماعية وصولا إلى قراءة إصلاحية لا الوصول عبر وسائط وأبجديات فكر المؤامرة إلى مؤامرة وإحباط جديد في قراءة هذه الحالات والتي يجب النظر إليها كأخطاء تعبر عن حالة مرضية ونفسية من جراء عوامل الكبت المجتمعي وفي ثنايا القراءة التحليلية يجب الوعي وإنضاج الوصول الى الحلول بغية المحافظة على البرامج التنمية أو الثورية البنائية في كل الأحوال هذا و
[ ان أهم عامل لتحقيق التكامل هو خلو الشخصية من الصراعات الموصولة العنيفة ، الشعورية واللاشعورية كالصراع بين غرائز الفرد وضميره ، بين نزواته وعاطفة احترامه لنفسه ، أو بين ما يريد الفرد وما يقدر عليه بالفعل أو بين ما تنطوي عليه نفسه من معتقدات وأفكار ومبادئ وقيم وانحيازات ] (32)
ولإيجاز هذا الملف الخطير نختصره في النقاط التالية :
1ـ الإشكاليات المجتمعية :
وكما ذكرنا هي نتاج حالة اضطراب نفسية وأزمات منهجية في قراءة الظروف والمتغيرات تعطي نتائج عكسية وهذه الإشكاليات قبل أن تكون قراءة حالة أزمة نفسية هي في الأساس قراءة متخلفة انطلقت من وعي مزيف تجاه الأحداث تم تبريره عبر وسائط الدعاية المعادية المضللة تم النظر فيها للمقدس على أنه معادي للذات
وعليه تم الانحراف السلوكي تم علاجه بسياسة التفريغ والانتقام ، ويفاد من ذلك جنوح الفرد إلى الانتقام من الحالة الثورية باعتبارها قد أوصلته إلى هكذا حالة أو بسبب إخفاق أو تشويه أو قتل من أفراد عائلته في هذه المنظومة أو تلك فكان
حضوره باتجاهين للتعويض أو الانتقام وهنا يكمن العلاج والأزمة ولزومية البرامج التغييرية في الحركة الثورية وعلاقاتها مع الأفراد وفي كل الأحوال يكون الحضور عبر التقارير المسجلة تعبيرا عن هذه العلاقة والمركب .
______________________________________________
(32) عزت ، الدكتور أحمد راجح : ( أصول علم النفس ) ، ط دار القلم بيروت ، ص 470 : = نفس المصدر السابق : ( ظاهرة تصفية العملاء ) ، ص 31
2ــ الإشكاليات النفسية :
وفيها قراءة الذات والطوية النفسية هام جدا لقراءة أبعاد مسجلي التقارير كونهم يعبرون عن قراءة قهرية مجتمعية ويريدون التعويض ، فإما تنهض بهم المؤسسة عبر القراءة التحليلية لتقاريرهم أو تقدمهم كضحايا لإخفاق الحركة الثورية ونوازعها المبنية على فكر المؤامرة ، وفي هكذا فكر وحالة يكون الفرد معرضا للخروج من حالة شبه سوية إلى أزمة عميقة وإخفاق مدمر .. من هنا فقراءة الظروف النفسية لمسجلي الوشايات والتقارير الكيدية هام جدا للوصول إلى علاج الفرد الثوري والإنسان التغيرية ارتقاء به إلى مستوى العنصر الثوري الصالح وهذا أرقى أشكال المعالجة البديلة .. وينصح أن يكون في الحركات التغييرية المعاصرة متخصصين وباحثين نفسانيين صحيين يشاركون ضمن لجنه اختصاص مهماتها البحث في الأزمات واستخلاص العبر ووضع البرامج الإنمائية للأفراد وزرع الثقافة الثورية العقائدية البديلة ..
3 ـ ضعف حالة الانتماء :
: يعتبر موضوع الانتماء هو أخطر البوابات النفسية والإشباعية القادرة على إشباع الفرد وتعويضه عن الفراغ والأزمة الاجتماعية ـ إن الفهم الإيجابي والحضاري والعقائدي للانتماء يجعل الفرد يحدد الولاية : للجماعة أو الاتجاه الذي يشبع مفاهيمه وحدود إدراكه الذاتي والنفسي وفي القرآن الكريم محددات الولاية الكاملة في قوله تعالى :
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }المائدة55
فيها الولاية الكاملة لله والرسول والذين آمنوا وهم آل البيت المطهرين عليهم كما في المصادر الإسلامية (33)
___________________________________________
(33) البيومي : الشيخ محمد حسني : ( آل البيت ع أسباب النول في القرآن ) ، تفسير سورة النساء قوله تعالى ” يا أيه الذين آمنوا = لنفس المؤلف : ( أهل البيت : الولاية ـ التحدي ـ المواجهة ) = ” آل البيت في القرآن الكريم ” تحت الطبع “
فضعف الولاية لأهل البيت النبوي يضعه العنصر في غياب اعتقادي يدخله في الأزمة المذهبية وبالتالي يضعف عنده الاختيار في الخندق النضالي ، فإما أن يكون في الخندق النبوي أو في الخندق المعادي .. وكذلك الولاية المجتمعية والولاية الوطنية ، فضعف الولاية يؤدي لأزمة الانتماء وهذا يضعف من تحمل الفرد لمسئولياته الإنسانية والوطنية واختيار المقدس في وظيفته وخندقه النضالي ” وغياب الانتماء يدفع الفرد إلى التمويه النفسي وإتباع سياسات الخداع والكذب على الجماعة ويعزز حالة من الازدواجية الشخصية التي تدفع بالاضطراب الجماعي والنفسي وبروز الأزمات الاجتماعية في العلاقات !! لهذا كان الانتماء للعقيدة والروح هي أرقى مراتب الانتماء وقاعدة العلاقات مع الجماهير ] (34(
ونتواصل في الحلقة التالية لختم التحليل المجتمعي لظواهرنا المجتمعية
http://omat-alzahraa.blogspot.com/2010/11/blog-post_4789.html
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين
__________________________________
بقلمـــي
المفكر الاسلامي التجديدي
الشيخ
محمد حسني البيومي الهاشمي
” محمد نور الدين “
أهل البيت عليهم السلام
فلسطين المقدسة
______________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق