مصطلح حــــم في القرآن الكريم
قراءة في السر القرآني المحمدي
الشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي الهاشمي
مركز دراسات أمة الزهراء
http://ommatalzahraa.maktoobblog.com
التعريف: حم في القرآن:
إن قراءتنا في فواتح القرآن تجئ لتؤكد البعد الإعجازي الإلهي في حركة القرآن والخلق ، وفيها روح التحدي وجوامع الكلم والأسرار الإلهية . وهي كذلك متعلقة بموضوع التقدير الإلهي الخاص فـــــي حركة الصراع الأرضي ..
بما يحمله من آفاق الجهاد المستمربين الحق المطلق والشرالمطلق . وهو التتويج لحركة الصراع الأزلي الممتدمن خلق النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ونبوته قبيل خلق آدم عليه السلام ومرورا بخلق آدم عليه السلام وحتى قيام الســـــاعة والممثلة ..
بختم الدين والدنيا بظهورخليفة الله المهدي عليه السلام وهو حامل سرالساعة و أول إمارات الساعة ومايتبعها من القيامة العظمي ، و تكون " حم " هي الرمز لكل هذه التحولات المبنية أزليا على خلق النور المحمدي ومدخلا للتعريف بالحضور المحمديالنوراني المستمر في حركة الصراع و التحدي ، وهذه التعريفات القرآنية اتضح سياقها جليا في حالة التمرد على الأمر الإلهي : من خلال إبليس اللعين السجود لآدم عليه السلام وهو في جوهره يمثل حالة الرفض للنبوة المحمدية في الأزل ، أي بعد انكشاف السر والنور المحمدي المعجز
..
من خلال خلق آدم أبو البشر.. وهو الروح المختارة المصطفاة لحمل رسالة النور المحمدي المخلوق..
وكان هذا الارتباط بين روح آدم عليه السلام ونور النبي الأعظم صلى الله عليه وآله يكشف عن روعة خلقية في امتزاج الجسد السامي المعظم بالنور المحمدي المقـدس ..
لينبثق هذا النور برمزية فائقة.. في عالم الروح بين اتجاهين متضادين ، أفرز هذا المزيج انبثاق جديد يكشف عن أسرار الغيب وتبيان إسقاطي لجوهر الإفساد المطلق في حركة الخلق وهو المكنون في لوح الله وغيبه المحفوظ .. " وكان " إبليس " الرافض لإعلان الأمانة الإلهية..
وحامل أثقال اللعنة الأبدية..
يقف خارج حدود الخالدة. خارج روح الله الخالدة… وفي المقابل كان الخيار الإلهي يعم الأرض ، ويعم بإشراق نور محمد صلى الله عليه وآله المطهرين.. في الأكوان " حم " …
رمزية السر وفواتح الغيب بالقرآن المكنون في سر الغيب
.. وكانت أنوار الحوا ميم متواصلة ممتدة .. لكلمة الله وسر الإله
" محمد ".. وكان عالم الأمر يؤكد بأن السجود لخلق آدم عليه السلام هو المفصل في حسم الخيار الإلهي بين اتجاهي الحق والباطل.. "
وكان الرفض من إبليس بداية لظهور المصطلح الجديد في تحدي النور مع الظلام " وكان بروز " إبليس"
كمصطلح جديــد و رمز جديد يتوازي مع مصطلح " الشيطان ".. ومصطلح .." اللعنة الأبدية ".. وقد ظهرت هذه الإخفاقات للعيان المشهود برمزية التحدي والكبرياء الإلهي بالنور المحمدي ..
المخلوق . وكان الحوار بين الله تعالى والملائكة وهو حركة فكر الحرية الأول يبدوا فيه نور الوضوح والحقيقة متجليا في ذلك الحوار الرائع بين الله المتعالي .. والسادة النورانيين الملائكة…
ممثلا بتمام الوضوح في احتجاج الملائكة أمام الملائكة ..
وكان هذا الحوار النوراني مبنيا على قاعدة : غيرتهم على محارم الله لإمكانية ما يحدث في الأرض من إفساد واستعلاء للباطل..
وهو الممثل في ذلك النزول الشيطاني الملعون..
وكان الرد الإلهي بالتقدير اللطيف مع عالم النور الملائكي ..
}إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {
وهو نعم المقصود من حركة اللطف المخلوق .. للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام من نوره .. حروف "
الحوا ميم " رموزهم وبركاتهم ..
والقرآن يحتوي على تلك الصورة البديعة لهذا النور ..
والذي يظهر فيه " الملائكة المكرمين "..
كشهود طائعين وقوة إسناد متواصلة مبنية ومتعلقة بإحاطتهم بما سيكون
والقرآن يتحدث بالتفصيل عن طبيعة هذا الحوار والصورة…
في قوله تعالى :
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جاعل في الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْأَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مالا تعلمون } : البقرة30….
وهذا الإعلان.. بالخلافة في الأرض ، ما كان ليكون لولا ظهور هذا التقدير الإلهي و جوهره الممثل في انكشاف السر المحمدي ، وعلاقة هذا السر الجدلية بآدم عليه السلام ، والمعبر في كينونته عن العلم الإلهي الخاص والمحتوي على قيم التحدي بين النور الطائع وبين حالة الرفض والعصيان المتمثل لإبليس اللعين ، وكان المحك في جوهره العبودية كأصل وقاعدة في الخلق.. وفيه قول الحق تعالى
:
} وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدم فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى واستكبر وكان مِن َالْكَافِرِينَ } : البقرة34
وكان الاستثناء يكشف عن جوهر إبليس ومركبه المخبوء، وأنانيته وتعاليه في البرزخ !!
والسؤال الذي يطرح في العادة : كيف انتقل إبليس من الطاعة وهو طاووس الملائكة ؟
إلى حالة العصيان والاستكبار ؟
والجواب هو ذاته سياق ما سجلناه بأن التقدير والقيم الإلهية هي في الأصل مبنية على " قيم العدل "
في حركة الخلق وعلى التخيير بين الحق والباطل ، ليتحدد جوهر هذا الرفض بإرادة " إستهوائية إبليسية " في سياق حركة التقدير المبني في الخلق على أسس العبودية
قال تعالى :
} وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات 56
والقضية في تحقيق الإرادة الإلهية في الأرض لا يمكن أن تكون إلا في سياق مشروع الخلافة في الأرض..
وتحول إبليس من حقل الطاعة إلى حالة العصيان المتواصلة والأبدية.. جعله مطرودا من الرحمة الإلهية ..
وكان الاستبدال بحركة النور هي التواصل بالنور من عالم الإرادة…
وليس عصيان إبليس سوى دليلا أمام المشهودات علي صحة الخيار الإلهي ، و كانت كل هذه المجريات المقدرة…
أمام استعلاء الله وعظمته ..
فيجدوا من حرية الاختيار الفكري والعقيدي والمبني على قاعدة الحرية في القرآن …..
وهو قوله تعالى
:
} لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدتَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَد ِاسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لا انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } البقرة256
..
كان يتجلى الحوار بحرية من الملائكة حين احتجوا على خلق آدم !! وعندما بدا لهم النور والدليل .. وسر الكلمة المخلوقة
" محمد ".. خروا لله سجدا
.. واختار إبليس مع بيان الدليل والنور الاستمرار بالعصيان والغطرسة .. وكان البديل الحق المطلق في النور …
المطلق على الأرض لتشرق الأرض بنور ربها .. وكان الحامي لهذا المشروع الأزلي هو نور الحقيقة الإلهية
" محمد صلى الله عليه وآله وسلم
والرمز النوراني الخالد والمنكشف في قرآن الله المعظم " حم " فواتح بالنور.. وخيارا إلهيا للتحدي مع الشيطان وصورته الباطلة في إسرائيل المفسدة .. وليكون صنوه
" شيخ الضلالة الدجال .. "
حاملا لبذور الحقد والذي بدت ملامحه البغيضة بمشروع قتل الأنبياء شارة للتمرد.. و صورة لذروة الباطل .
وفي الخطاب القرآني صورة الرد على خيار الله المعظم قول الحق تبارك وتعالى :
{وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } : الإسراء61 …
وبهذا كشف الله عن مكنون إبليس المتغطرس برفض السجود .. للحقيقة النورانية وكان الرد القاطع من المتعالي مبنيا أصلا على خيارات العدل
والرد على العبد العاصي : َ
} إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } ص : 78..
ومواصلة هذا الطغيان بالتحدي .. فكان الهبوط السفلي إلى
" سجن اللعنة "
{ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } طه123..
فأختارالشيطان المتمرد .. أساس الغواية وأصل الشرور بمواصلة رفض السجود للنور المخلوق المقدس..
{ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } الأعراف16..
وبهذا يتجلى الصراع بين النور كحالة .. وبين الظلام كقاعدة للشرور " لأقعدن " مختارا الجانب السوداوي من أصل المصطلح القرآني " القعود " : الكفر في الأرض، وبالتالي كان العالم الظلامي هو خيار السـواد والمؤامرة ..على قائمة الانتظار المختار " محطة المعصية " :
وفيه قول
إبليس اللعين :
} قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {
وقد وردت في القرآن الكريم 3 مرات : " : ص /80 ، سورة : الأعراف /15 ، وسورة : الحجر / 38
} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ } ص:80..
وقد وردت لتأكيد الحالة: " المفسدين في الأرض" ثلاث مرات " في نفس السور . فكان الخيار
الإلهـــي بالإرادة القاطعة بتحقيق الخلافة والنبوة المحمدية ..
وانتقالها من العــالم الأزلــــــي الروحي المطلق إلى الأرض ..
لتبدأ الدورة التاريخيـــة بميلاد الأنبيـــــــاء الموحدين عليهم السلام والذين كانوا في علم الإرادة
هم الممهدون لختم النبــــــوة بالنور الخاتم …
وهو الأصل المخلوق من النور الرباني ..
لتنتقل صـــــورة الإرادة كمشروع رباني من السماء إلى الأرض ممتد حتى يوم القيامة ويوم المحشر ، ويكون الصراع عبر كل هذه المساحـة الزمنية للصراعبين النور والظلام . .
و بين الممهدون المصدقون " الأنبياء" عليهم السلام ..
وبين الخاتمون للدين بالعدل والقسط ..
وهنا يكمن التفسير لسرالحوا ميم المطهرين من الأزل وحتى ختم الدنيا ..
ليكونوا هم بحق حماة المشروع الإلهي ويكون الرمز
" حم " الحاء: حماية ــ والميم : محمد صلى الله عليه وآله وسلم حماية الأمة المحمدية وكل الأمم
فالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الشفيع الأعظم بأمر العظيم الأعظم .. وآله المطهرين "
الحوا ميم عليهم السلام ..هم بوابة الخلاص والشفاعة..
ولا تتم الشفاعة العظمى إلا ببابهم وطاعتهم ؟ وهم الضامنون المؤمنون العباد .. يوم الفزع الأكبر ويوم الحوض في المحشر ،
قال تعالى في الشهادة لهم :
} مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ }النمل89
وفي التفسير " الحسنة " هم آل النبي محمد عليهم السلام ، وبهذا يتضح قرآنيا دورهم كحماية وخلاص لجميع الخلائق..
قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم :
" أهل بيتي أمانا لأمتي "..
وقول الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه وآله الطاهرين هوترجمان القرآن الكريم والبشير المبشر العباد بشهادة الحق :
{ وَهُم مِّنفَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } ..
وبهذا نكتشف البوابة والسر في معاني القرآن السامية..
ونؤكد انه لا يمكن اكتشاف هذه المعاني السامية إلا بوعينا لمفهوم المصطلح القرآني وعلاقته أصلا كمشروع وخطاب بحركة النبوة وهذا النور العظيم المخلوق ..
وبهذا التفهم الهادئ نكون قد عظمنا الخالق المصور في علاه من خلال تعظيمنا للنور المخلوق وهو الذي بدأ الله " المبدئ " بحركة الخلق ، وهذه المدلولات لها شواهد على امتداد السياق القرآني العظيم وكذلك على مستوى الخطاب النبوي الحديثي الكريم حيث أشهد الخالق سبحانه جميع الخلائق في عالم الروح على وحدانيتــه في علاه وعلى نبوة حبيبه المصطفي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين وهو المخزون في القرآن كتــاب السر الإلهي .. والشهادة على كل الحقيقة مخبوء سرها في الحجر الأسود في كعبة الله المشرفة، وكلمة السر الإلهية في هذا المخزون الأبدي هي " محمد"صلى الله عليه وآله حامل لواء الوحدانية…
نقول الحقيقة لكل التلاميذ السادة..
ولكل السابقين السادة.. من جديد ..
اكتشفوا نبيكم من قلب القرآن.. اكتشفوا عترة نبيكم في قلب القرآن .. وكما سجلناه حقيقة في غلاف كتابنا : أهل البيت التحدي
… الولاية : التحدي : المواجهة ...
كتاب الله والسنة .. كتاب الله والعترة .. لا بوابة أخرى أيها السادة ..
فالسر في حجر الجنة المقدس الأعظم للرب شهادة ..
فاكتشفوا ذاتكم أيها السادة .. وهذا المخزون النوراني ما يرمز إليه بسر القرآن العظيم " حم " والتي تفيد بجمعها
" الحوا ميم " وهم الأئمة المحمديون من صلب العترة المطهرة من صلب عالم الإرادة .. ومن أجلهم خلق الله الخلق ..
قال الحق في علاه مخاطبا نوره في أرضه :
" يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء " (1(
الحوا ميم حجج الله على الأمم :
.. وقد دار المتجهون للتفسير لكشف السر لينتهوا رغم التباين إلى تأويل آل محمد الطاهرين : وهم العارفين وحجج الله وشهوده ..
وفيهم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
" أنا وهذا حجة على أمتي يوم القيامة " (2(
" أنا وعلي حجة الله على عباده (3( .
وقال النبي المصطفى صلى الله عليه وآله :
" أنا وهذا حجة الله على خلقه " (4(
وفي ذات السياق قال صلى الله عليه وآله :
" أنا وعلي حجة الله على أمتي "
(5) وهكذا تتوالى الدلائل النبوية
المشرفة لتكشف عن قيمة الأئمة الطاهرين .. كسند وشفعاء وهم فيهم الأمان المستمد من قيم العلي والنبي صلى الله عليه وآله ..
جعلهم الله تعالى شهودا رحماء على الخلائق تهرع لهم الجموع والخلائق يوم يرون أنبيائهم يوم المحشر العظيم يقولون نفسي نفسي !! والنبي ألأعظم صلوات الله وسلامه عليه وآله يقول أمتي .. أمتي.. نبينا شفيع الأمم وحجة على كل العالمين ..
لا يمر أحدا إلى الجنان إلا من باب الحبيب محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين.. فهم الرحماء
وهم الشفعاء .. وفيهم يكتشف سر القرآن في
الحوا ميم .. فهم بحق حماية الأمة وبحم يحميهم العظيم ..
وبحم في أرضه ينصرون ..
فهم الحجة والمرجع .. ولهم خلقت السموات .. والأراضين بشهادة الرب الخالق .. فليدرك الجمع السر .. وليحتمي المرابطون والشاهدون في كل هذا العالم بأزمّة الحق المحمديون..
فهم الحروف المعجزة " الحوا ميم " ..
وكانت هذه الكلمات المعجزة هي التي عبر الله عزوجل عنها في قرآنه ب " الكلمات " عنوان الغفران لأبي البشر المقدس " آدم " عليه السلام وقد وضحته سطورنا .. في دعوات آدم عليه السلام وسؤاله لله عز وجل بالقسم والتوجه بالكلمات المعظمة في علم الله تعالى ..
وهي التي كشف القرآن سرها بهذا الإشراق النوراني العظيم .
" بحق محمد و آل محمد عليهم السلام ..
وسرها المخبوء في قول الحق تعالى :
" وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءكُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " البقرة31
وكان العلم الإلهي المكنون ينكشف لتثبت المعجزة وهي اسم الله الأعظم الذي استوعبت حروف اسم النبي الأعظم" محمد ، أحمد " وأسماء الأئمة المطهرين وأنوارهم وهم الذين اشتق الله عزوجل أسمائهم من أسمائه تعالى ..
وبالكلية فهم كما في الأحاديث الصيحة في الاصطفاء سر التكوين والجمع والتحدي لسياسة الرفض الشيطانية .. وفي نظرنا أن محور التحدي والسر في الرد الإلهي قد جاء مقدرا سلفا
بمحمد صلى الله عليه وآله والملاحظ في التكوين القرآني كان سر الاسم يسبق في القسم الرباني المعظم القسم بالقرآن ، ومثال ذلك في سورة غافر قوله تعالى :
} حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم }: الآية 1، 2
ــ فيها البيان للسبق لـ حم قبيلحركة التنزيل وفي وعينا لا يفهم من السياق القرآني الميلاد البشري للنبوة ولكن الإستيعاب الشمولي للنبوة في عالم الروح ، وإعطاء النبوة للنبي: محمدصلى الله عليه وآله
بشهادة الحق والروح والذي فيه الإشهاد والإقرار قال تعالى :
{ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْمَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران81 ..
ونفس التوجه في سورة " السجدة " في قوله تعالى :
{ حم : تنزيل من الرحمن الرحيم}
مبتدأ " الخلق قبيل التنزيل أو الإشهاد على الملائكة والأرواح قبيل الخلق وقد شرحنا الموضوع مفصلا كما أشرنا . وكذلك جاء في سورة الشورى مثله :
{حمعسق } تنزيل من الرحمن الرحيم } مبتدأ " وبنفس الاتجاه
نرى سياق مدخل سورة الزخرف في قوله تعالى:
{ حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ } الزخرف 2"
فيه القسم الإلهي واضحا جليا بالنبي قبيل القرآن ..
فالنبي صلى الله عليه وآله قرين القرآن الكريم : ومثله في سورة
ياسين المحمدية :
" يس والقرآن الحكيم " .
فهو الترجمان لقوله صلى الله عليه وآله :
" كتاب الله وسنتي " وقوله صلى الله عليه وآله :
" كتاب الله وعترتي " فالقرآن والنبوة والعترة ترجمان القرآن على مستوي التنزيل والتأويل " لعلكم تعقلون " والعقل يقتضي استيعاب السر ومغزى الكلمات .. والتوكيد للمغزى في سياق السورة قول المولى عز وجل
:
} وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ }الزخرف: 4…
فالاستعلاء لمحمد أصل النور ولعلي عليه السلام وريث النبوة هو من الاستعلاء الالهي ،
وقوله تعالى " لعلي " تفيــــــد الاتجاهين : النبي والولي : وفيهما التخصيص والاصطفاء .
وفي سورة الدخان : قوله تعالى :
} حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ } الزخرف: 2 .
وبالنظر في الآية القسم فيها واضح ، وبالنظر لسورة الأحقاف في قوله تعالى :
} حم ، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }: الأحقاف:2 :
البعد ذاته في الربط بين حقيقة النبوة والتنزيل ،وتقديم حم " نور محمد على التنزيل .. وهو إثبات عالم الأمر في عالم الموجودات و " حم " أصل الكلمات وكلمة السر في الخلق والنور المخلوق
.. والقسم من الخالق بالمخلوق في فواتح الحوا ميم السبعة له أعظم السر ..
في إرساء رحمة الله بالعباد :
" إنما أنت رحمة مهداة " ..
وفيها سر الحماية الإلهية وكلمات الله تعالى التي أقسم بها أبو البشر سيدنا آدم عليه السلام لكي يحظى بالغفران ، وتبقى لها الديمومة النورانية، و هي الناصعة والمحجة البيضاء المختارة..
وهم الكلمات الموحاة من الله في سر الغفران للخليقة والبديلة للوعي الإبليسي المستبد ..
كما هي ناصعة واضحة في وصية سيد الملائكة لآدم عليه السلام :
" اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن تغفر لي فغفر الله له "
" اللهم إني أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام أن تغفر لي .."
وفي الحديث روايات عديدة رائعة.. رواها الحاكم في مستدركه وجموع من حملة الحديث (6) فالبتوجه بها إلى الله تعالى تكون الإجابة ، وهي أصل الكلمات وأصل النور المخلوق كما ذكرنا ، وكان لهذا السر النوراني " سر الحماية " أن يشمل بروعته ولطفه أبو البشر ذاته.. ولتكون " حم " وهي الرمز الدليل إلي الاسم المعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم جمعه : الحوا ميم في القرآن. هي مشروع حماية للبشرية جمعاء .. و"حم "
في التفصيل : تعني
" الحوا ميم " : " آل النبي محمد عليهم السلام : وحم كما في قراءتنا التفسيرية (7(
هي قراءة الفتح الإلهي للحركة المرتبطة بعالم القدرة ، ومجيئها في فواتح السور القرآنية تكشف سرها ، كما تكشف علاقة هذه الأسماء بحركة وكينونة الخلق وعلاقة الخلق بعالم الإرادة ، و التقدير . ففي سورة غافر يجئ السياق القرآني متسقا في التركيب وحروف القدرة والإرادة :
} حم ، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }الأحقاف 2..
أي أن الخالق في علم تقديره تعالى خلق نور النبي
" محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخلق منه كل الأشياء "
كما الحديث الصحيح..
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
" يا رسول الله بأبي أنت وأمي يا رسول الله ،أخبرني عن أي شئ خلقه الله قبل الأشياء ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم :
" يا جابر ان الله تعالى خلق قبل كل الأشياء نور نبيك من نوره
" (8) وقد فصلنا الموضوع في كتابنا " آل البيت عليهم السلام (9 )
وفي السياق القرآني المركب حسب عالم الخلق والتقدير يجيء في سياقه ذكرالنبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
قبل حركة النور المخلوق " الطبيعة البشرية "
والقسم به في الآيات الكريمة الخمسة يجئ قبيل القسم بالقرآن وخلق الأشياء ليكون الخلق مع عالم الإرادة منظما وفيه قال تبارك في علاه
: "
" حم تنزيل الكتاب من الله العزيزالعليم ." ويقابله بإتساق منتظم ومتوازن في القرآن العظيم ما جاء في سورة المائدة قوله تعالى :
}قد جائكم من الله نور وكتاب مبين } (10)
والنور هو النور المخلوق " والكتاب المبين ، يشتمل على تبيان هذا النور في الخلق وكذلك في حركة الوعي القرآني بالنبوة .
وهو قوله تعالى :
} يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُم ْرَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ
وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍقَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌوَكِتَابٌ مُّبِينٌ} المائدة15 "
: أي بنور محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحده يمكن اكتشاف النور الذي بشربه موسى النبي عليه السلام في التوراة..
وهو صلى الله عليه وآله وسلم الذي بشر به الأنبياء وبمقدمه الشريف على امتداد الخليقة.. فهو أصل النور:
" كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد " 11"
التوضيح بمجئ النور المخلوق الموعود في كتبكم وعلى لسان أنبيائي ..
وفي الآية عملية تواصل عجيبة بين الله..
وهوالنور الأزلي الأول والآخر وبين النور المخلوق من عمق الأزل إثباتا لوجوده
وكشف سره بين خلقه " من الله نور " وهو نور من الله..
وجاءت " من " للتبعيض الإعجازي وقد أضاف الله عزوجل " وكتاب منير" إضافة وتتويج لحركة النور وحقيقة النور المبينة للحقيقة الإلهية " نــور وكتاب مبين " والملفت في السياق التنزيلي تقديم نور النبوة حماية وجدار صلبا لنور القرآن وهنا يظهر البعد الإعجازي لحروف السر الإعجازي " حم " ، " حمعسق " وكهيعص " كما سيجئ بيانها في حينه وكذلك التوافق في الخلق والرسالة ، أي بين الخلق النوراني النبوي في عالم الروح وفيما بين عملية الخلق البشرية الطبيعية وهو المعجزة
.. وبينهم بشارات الأنبياء بمقدم النبي الخاتم، وكما جاء في الأثر والقصص القرآني الشهادة بذلك قول السيد المسيح عليه السلام :
}وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُ مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ومبشرا برسول يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌمُّبِينٌ }الصف 6 "
فهي البشارة وزمان الفرح بالنبي الآتي كما جاء في خطاب
السيد المسيح عليه السلام في الإنجيل :
" الآتي خير مني ولا أستحق أن أحل سيور حذائه "
وفي ترجمة أخرى :
" سيأتي بعدي منهو أقدر مني ، من لا أستحق أن أنحني لأحل رباط حذائه. " (12)
شهادة روحا لله إلى نور الله المعظمة الآتي : تعبير عن النبي المخلوق .. وهو إثبات المثبت في قوله صلى الله عليه وآله :
" كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام " (13
روى عبد الرازق بسنده عن جابر بن عبد الله بلفظ قال : قلت:
يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء, قال:
" يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نورنبيك من نوره
فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولاقمر ولا جني ولا إنسي, فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء فخلق في الجزء الأول القلم ومن الثاني اللوح ومن الثالث العرش ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول السماوات ومن الثاني الأرضيين ومن الثالث الجنة والنار ثم قسم الرابع أجزاء من الأول نور أبصار المؤمنين ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله ومن الثالث نور إنسهم وهوالتوحيد : لا إله إلا الله محمد رسول الله.. كذا في المواهب (14)
وهو المثبت في قوله تعالى :
" جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ "
"إمكانية حمل الجسد للنور المخلوق. وبالنظر إلى قوله تعالى : "
} يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ } يس:2
فيه تأكيد الوجهة القرآنية : في تقديم " يــــس " على القرآن الكريم وفيه تعظيم البيان والقسم بعظيم الخلق وختم الرسالة وإظهار عظمة سيد الخلق المخلوق بين كل المؤمنين القادمين ..
فهو النفخة الأولى للروح ومن الروح وفي سورة يس تفصيل واستمرار لهذه الحالة النورانية وفيها الاختصاص النوراني
بالحوا ميم " آل محمد " هو قوله تعالى
}سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ { الصافات130
والسلام هو النور باللطف الرباني لهم عليهم السلام .. وجعل العلم النوراني المكنون مكنوزا في أئمة آل محمد الطاهرين وهو الكائن بعد السلام النوراني على آل يس في قوله تعالى :
} إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } يس:12،
والإمام المبين الظاهر هو المنصوص عليه ، والظاهر في علمه ونوره ..وهذا سرعجيب في التقدير الخلقي وبيان إعجازي للقرآن للربط بين مسألتي الروح والنور، وامتداد نواة النور النبوي في العترة المطهرة عليهم السلام . ويشار قرآنيا في السياق إلى مواصفات النفخ الرباني
" نور: من نور السموات والأرض !!
وهو قوله تعالى :
{ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِمِن رُّوحِهِ وَجَعَلَلَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } : السجدة 9
فالسياق تأكيد الخلق بالنفخ لآدم عليه السلام ، وأصل النفخ بالنور للنور المخلوق من عالم الأمــر هي فقط للنبي الأعظم سيد الخلق
" محمد صلى الله عليه وآله وسلم والنور المخلوق من أصله معصوم أزلي مطهر لاعيب فيه.. وأصل كلمة النور " الله المتعالي " لاحدود لها في الشرح والتفصيل والعجزللمخلوق فيه ظاهر أمام عظمة الخالق في علاه ..
وهنا ندرك بعد السر المعظم في خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل آدم عليه السلام وقبيل خلق الجن والإنس. فيكون بحق " حم "
الرمزية
والسر الإلهي الخاص بحم المفرد الحواميم الجمع " آل محمد " عليهم السلام كما
ذكرنا.. وفيها السر المقبل في آخرالزمان زماننا وهو زمان الظهور وختم النبوة بالمهدي الموعود عليه السلام .
" يا عم بنا بدئ الدين وبنا يختم" : 15
وفي لسان العرب :
"نور" في أَسماء الله تعالى النُّورُ ..
قال ابن الأثير هو الذي يُبْصِرُ بنوره ذوالعَمَاية ويَرْشُدُ بهداه ذو الغَوايَةِ وقيل هو الظاهر الذي به كل ظهور والظاهر في نفسه المُظْهِر لغيره يسمى نورا ًقال أَبو منصور والنُّور منصفات الله عز وجل قال الله عز وجل الله نور السموات والأَرض قيل في تفسيره هادي أَهل السموات والأَرض وقيل مَثل نوره كمشكاة فيها مصباح أَي مثل نور هداه في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح والنور الضياء والنور ضد الظلمة وفي
المحكم النُّور الضَّوْءُ أَيًّا كان وقيل هوشعاعه وسطوعه والجمع أَنْوارٌ ونِيرانٌ عن ثعلب وقد نارَ نَوْراً وأَنارَواسْتَنارَ ونَوَّرَ الأَخيرة عن اللحياني بمعنى واحد أَي أَضاء كما يقال بانَ الشيءُ وأَبانَ وبَيَّنَ وتَبَيَّنَ واسْتَبانَ بمعنى واحد واسْتَناربه اسْتَمَدَّ شُعاعَه ونَوَّرَ الصبحُ ظهر نُورُه قال وحَتَّى يَبِيتَ القومُ في الصَّيفِ ليلَةً يقولون نَوِّرْ صُبْحُ والليلُ عاتِمُ وفي الحديث فَرَض عمر بن الخطاب رضي الله عنه للجدّ ثم أَنارَها زيدُ بن ثابتأَي نَوَّرَها وأَوضحها وبَيَّنَها والتَّنْوِير وقت إِسفار الصبح يقال قد نَوَّر الصبحُ تَنْوِيراً
والتنوير الإِنارة والتنويرالإِسفار وفي حديث مواقيت الصلاة أَنه نَوَّرَ بالفَجْرِ أَي صلاَّها وقداسْتنار لأُفق كثيراً وفي حديث علي كرم الله وجهه نائرات الأَحكام ومُنِيرات الإِسلام النائرات الواضحات البينات والمنيرات كذلك فالأُولى من نارَ والثانية من أَنار وأَنار لازمٌ ومُتَعَدٍّ ومنه ثم أَنارها زيدُ بن ثابت وأَنارالمكانَ وضع فيه النُّورَ وقوله عز وجل ومن لم يجعل الله لهنُوراً فما له من نُور " (16)
وإذا كان " نور " هو صفة معظمة من أسماء الله وصفاته ، فكيف بالموصوف تعالى في علاه !!
وهذا البعد النوراني المقدس من " القدوس" هو مكمن السر الأزلي في تشريف الخلائق بنوره الخالص
الحامي سره الخلائق " حم :
محمد صلى الله عليه وآله وسلم ..
والأكثرإعجازية في البيان وقوة الحماية "حم" الصادرة من البيان الخلقي :
وهي الحقيقة الثابتة أن الله تعالى في علاهوهو نور الأنوار قد خلقه من نور ذاته ..
..وهو البيان لوعد الحق بالحق ووعدالنور للنور.. البداية والنهاية ؟
وهو كشف السر للمعاني السامية لحديث النبوة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين علي عليه السلام
:
" بنا بدئ الدين وبنا يختم "
وفي الحديث : " المهدي منا يختم بنا الدين كما فتح " (17
أي البداية بالنبوة في عالم الروح بالنور والختم الإلهي للنبوة للمهدي بالنور المخلوق ذاته "
{ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بعض والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ } آل عمران34..
والآية : هي خاصة خالصة بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعترته النورانيين من الأئمة عليهم السلام فهم أمة الزهراء الخالصة .. وفي هذا التخصيص قول الحق الخالص : "
{ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْكَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْإِخْوَانَهُمْ أَوْعَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } المجادلة 22 ..
والتعبير القرآني .. " بروح منه " وختم الآية الكريمة : ب
" أولئك حزب الله " هو التوكيد من خلال الترابط بين البدايات والنهايات.. وهي خلاصة
السموالخالص من أسماء الله العلية
" الأول.. الآخر ". وحزب الله المفلحون هوا لنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام. (18) والمفرد القرآني
" بروح منه " هومفرد مركب لمعنيين :
أولهما: بروح من الله تعالى : أي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وثانيهما :
بروح من محمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولها معان سامية مختلفة المداد والإمداد !!
وهو التمام لما جاء في سورة المائدة :
{ وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } : المائدة56 ..
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام هم النور الاشراقية للبشرية ..
وهم الذين أشرقت الأرض بنورهم في البداية والنهاية..
والممتدة من عالم " التصريف والأمر " إلى عالم النفاذ بالخلق ..
قال تعالى :
} وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّين والشهداء وقضي بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}الزمر69..
وربط الحق تعالى الإشراق بالظهور في قوله تعالى :
} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّلِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَالْمُشْرِكُونَ} التوبة33
وفي سورة الفتح الحق الشهادة من الله المتعالي لنوره المخلوق :
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّلِ يُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدا} : الفتح 28..
وهكذا الربط القرآني بين جملة المصطلح القرآني :
الإشراق، الظهور، شهادة الله ".
وهذا الترابط القدري في الختم النبوي يكون بسر القرآن وفواتح سوره الكريمة ..
وهم آل النبي محمد عليهم السلام وهو " أبوهم وعصبتهم " (19(
نور النبوة وامتداد الحق .
وقد قال العباس عم النبي عليه السلام يمتدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
وأَنْتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَت الأَرضُ وضاءَتْ بِنُورِك الأُفُــــق
وأَنَّث الأُفق ذهاباً إلى الناحية كمـا أَنث جرير الســـــور (20(
وفي قول الحق البيان :
{ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }السجدة:9
: " فالمراد خلقه من نور مخلوق له تعالى قبل خلق نور المصطفى ، فخلقه منه لا من نور قائم بذاته تعالى ، وأضافه إليه لتوليه خلقه وإيجاده " ..
و " المتفق على أولية خلق:
بأن النور المخلوق له هو نور المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لاغيره . ومعنى خلقه منه تكوينه إلى حالة أخرى غير الحالة الأولى " (21) وفي الحديث المؤكد على النور الأزلي المخلوق قوله صلى الله عليه وآله عن ذاته
:
" كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام " (22(
وهذا الحديث " لا ينافي ما مر أن نوره مخلوق قبل الأشياء ، وأن الله قدر مقادير الخلق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، لأن نوره مخلوق قبل الأشياء ، وجعل يدور بالقدرة حيث شاء ، ثم كتب في اللوح المحفوظ ، ثم جسم صورته علي شكل أخص من ذلك النور، ولأن في التعبير بين اليدين مرتبة أظهرت له لم تكن قبله "(23
والحديث عن خلق العترة النبوية المطهرة من عالم الأمر والمثبت أزليا في قوله تعالى :
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } : الأحزاب33..
حديث ذو شجون ورقة وروح ..
فهم عليهم السلام نور من النور النبوي المخلوق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجــــــع
***********************
1 النبهاني : الأنوار المحمدية ص11 = ينابيع المودة ج1/ 11
1) النبهاني : الأنوار المحمدية ص11 = ينابيع المودة ج1/
(2) تاريخ دمشق ج42 / 309 رقم 8854 = كنز العمال ج11 / 931 رقم 33013
(3) نفس المصدر ص 93 رقم 8856
(4) نفس المصدر ص 308 رقم 8853 ، ص 309 رقم 8855
(5) نفس المصدر ص 309 رقم 8554
(6) تفسير الإمام العسكري عليه السلام ص 219 ــ220 موقع شبكة السراج ــ انترنت
(7) كتابنا: ظلال آل البيت في القرآن الكريم " سورة غافر " ــ تحت الطبع
(8) أنظر كشف الخفا للعجلوني ( 1 / 130) = عن : جعفر البرزنجي " شرحالمولد النبوي " ص 39 ط1 / 1417 هـــ1997 م ـ منشورات دار القاضي عياضللتراث بمصر
(9) كتابنا: أهل البيت: الولاية – التحدي –المواجهة: باب: الختم الإلهي للنبوة بالمهدي عليه السلام(10)
سورة المائدة: الآية: 15
(11) مسند احمد بن حنبل ج34/ 202 رقم 20596= ينابيع المودة ج1/ 9 = كتابنا : النبوة ثورة الروح الإلهية " تحت الطبع "
(12) إنجيل مرقص : الإصحاح : 1/ 7التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 1979 = إنجيل لوقا : 3 / 16 نفس المصدرص 2073 = يوحنا 1/ 30 ص 2172 : حرف الروايةوعكسها !!
(13) ) كشف الخفاء للعجلوني ج1/ 310 رقم 827 : في أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق عن علي ابن الحسين عن أبيه عن جده :الحديث..
(14) نفس المصدر السابق: أنظر كتابنا: المهدي عليه السلام الخروج ـ النزولـ تحرير القدس " : الباب الرابع " المهدي ومشروع الخلافة . " تحت الطبع"
(15) تاريخ بغداد ج4 / 118 رقم 1768،1769 = ج3/ 349 = كنز العمال رقم 33438 ، 37312 = تاريخ دمشق ج7/ 247 للتوسع : أنظر كتابنا أهل البيت – الولاية .. " تحت الطبع "" باب الختم الإلهي للنبوة بالمهدي " .." تحت الطبع"
(16) لسان العرب ج 5 / 240 ( نور)
(17) الطبراني في الأوسط ج1 / 56رقم 157 = مجمع الزوائد 9/163 + الحاويللفتاوى ج2/ 61 = ينابيع المودةج2/6 ،133 = الصواعق المحرقة ص 237 ، 163 = رواه الحاكم في المستدرك
(18) نفس المصدر السابق : كتابنا: أهل البيت: نفس المصدر: " باب أهل البيت في القرآن الكريم.
(19) ينابيع المودة: ج2/ 135 = روي الحديث بوجوه عديدة ذكرناها في كتابنا أهل البيت..
(20) لسان العرب ج1 / 112 ، ج10 / 5 (ضوأ ) ، ( أفق)
(21) العلامة جعفر البرزنجي : نفس المصدر ص 40 " أنظر تفسير البيضاوي : في تفسير قوله تعالى : " ونفخ فيه من روحه " : السجدة : 9
(22) نفس المصدر السابق : عزاه القسطلاني في " المواهب اللدنية " لابنطغربك في " المولد الشريف . ذكرناه في بحثنا مفصلا: " النبوة المحمديةثورة الروح الإلهية " تحت الطبع " =
وفي كتابنا: " الأزمة الروحية والثورة الروحية " صدر عام 1992.
(23) نفس المصدر ص41 ،
______________________________________________
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي الهاشمي
فلسطين المقدسة
نشر القراءة على العديد من مراكز والمنتديات عديدة ..
http://www.alnasiriyah.com/forum/showthread.php
موقع الحقائق العراقي
http://alhakaek.com/news.php?action=view&id=13853
http://manaberaliraq.net/vb/showthread.php?t=15511
مدوناتنا : أمة الزهراء .. أمة النور
http://ommatalzahraa.maktoobblog.com/854592
موقع الساجدون في فلسطين
alsajdoon.wordpress.com/2010/08/11/
منابر العراق الثقافية
http://manaberaliraq.net/vb/showthread.php?t=15511
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق