بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 نوفمبر 2010

سورة الشعــــراء وقيم التحدي الالهي في أصول المواجهة الحلقة الأولى ــ الشيخ المفكر الاسلامي محمد حسني البيومي الهاشمي


آل البيت عليهم السلام في ظلال
القرآن الكريم
سورة الشعــــراء وقيم التحدي الالهي في أصول المواجهة
الآيات : 1 – 15 ــ الحلقة الأولى
http://malhashemey.blogspot.com/2010/11/blog-post.html
مركز أمة الزهراء "عليها السلام" للدراسات
المفكر الاسلامي الشيخ محمد حسني البيومي
الهاشمـــي
فلسطين المقدسة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سورة الشعــــراء
1 – 15
الحلقة الأولى
المدخــل :
آل البيت عليهم السلام هم ظلال الله للأمة والأمم ، والقرآن ظلال روحهم .. فهم قلب القرآن لا يفترقون عنه في أبدية مقررة بقول الوحي المقدس : [ وانهما لايفترقان ] في الروح والوجهة .. ولهذا كان مدخل سياق آيات الشعراء وكما كل آيات القرآن تربط الروح المقدسة لآل النبي عليهم السلام وروح القرآن . آل البيت هم .. أهل الله وأمة الله وروح من روحه المتعالية .. والوجهة الثابتة والأزلية في مشروع الصراع الكوني بين الحق والباطل .. وحالة الإثبات لمفهوم المصطلح القرآني و” الثورة الإلهية الروحية ” . هم المطهرون وهم أهل الكساء … الروح نورهم … وكساء جدهم المعظم تغطيهم بروح روعة في ربيع متجدد وقران يسري بروحه عليهم .. يغطيهم بكساء عالم الإرادة القدرية … وبأزلية عميقة يربط القرآن بين روائع العطاء والوشائج المقدرة … ترسم حالة الاصطفاء لدائرة النور المقدسة … ظلال القرآن … نعني بها ذلك الغطاء القدري … وحقيقة الاصطفاء الإلهي لهذه النواة النورانية والكلمة الروح المختارة … تقرر من الله … الى الله … ومن إمام الى إمام .. من ظهر نبي الى ظهر نبي مقدس آخر … ليسطع نور الاصطفاء الأزلي في ” الساجدين ” خاتمة العطاء وظلال النور … انه نور النبي المختار صلوات الله وسلامه عليه… ونور الأئمة المطهرين عليهم السلام… من قلب العرش تسطع … ومن نور الإله الأعظم تصنع … إنها الحقيقة الإلهية … والأنوار المخلوقة في الأئمة المطهرين في بيت النبوة … وفي الخطاب النبوي المكرم … ترسم صورة النور الرائعة .. نور النبوة والإمامة في واقع أزلي متكون … و آي القران كله وبركاته تمامه عليهم وفي بيوتهم نزل .. والمصطلح القرآني يصنع في ظلاله دوائر الحالة المقدسة .. يشع بهذه القيمة النور في معظم آياته الكريمة حالة النور في آيات النور.. والنور الأول والكلمة المخلوقة الأولى هو النبي الأعظم … قيمة الاصطفاء الإلهي … ” نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ” . العطاء الإلهي في الفرقان …أقسم العلي بهم في فواتح كل القرآن وهم قلبه النابض وهمهم المقدس .. وغايتهم هو اشتعال النور في ملحمة نهاية قادمة ..
إنها قراءة الخلق بالنور المحمدي أنوارا تلي أنوار .. وحقائق تلي الحقائق و أسرار تلي الأسرار وظلال تلي ظلال .. إنها ظلال الرعاية الإلهية والاصطفاء الرباني .. والعرفان أصل القضية وأصل الحقيقة .. إنها روح الكشف لعمق الحقيقة الأزلية .. بهم عرّف الله ذاته … وبنورهم كشف الله تعالى عن حقائق أنواره ومشهودا ته .. ” أَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا ” .. إنها الثورة الروحية وقيمة العطاء الإلهي النوراني المتدفق .. قدرهم به وبنوره .. والقرآن الذكرى وهم ال النبي المطهرين الهائمون في ظلاله العارفون بأسراره ذكروه في بيوتهم حين نزل غضا طريا مطهرا من لدن حكيم عليم : فهي البيوت المأذون من الله تعالى في إرادته أن تكون مرشحة لسياق النور والتنزيل.. فهم العارفون وهم الشاهدون على نزول الحق .. وعليهم نزل ومن اجلهم خلق الله الخلق كله ، فهم كلمة البدء .. وخاتم النهاية
” بنا بدء الدين وبنا يختم ” وفي رواية بمهدينا يختم ” . (1) هم لروح الله وسره وقوة التحدي القادمة ..
ولهذا كان التحدي في مدخل الشعراء وآياتها .. يفرز حالتين متضادتين .. بين حالة الأصفياء وخيارات أهل الباطل والدعاة الى الشرك والوثنية من أعداء النبوة ورافعي سيف البغضاء والحسد للدعوة.. وفي آيات الشعراء .. روح الإصطفاء الأزلية ..” محمد والذين معه .. ” قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته
: ” أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب : إن الله خلق الخلق فجعلني من خير خلقه ، وجعلني فرقتين ، فجعلني من خير فرقة . وخلق الخلق فجعلني من خير قبيلة ، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا ، فأنا خيركم بيتا ونفسا ” صلوات الله وسلامه عليه دائما الى يوم الدين ” .. وعن العباس بن عبد المطلب .. قلت يا رسول الله : ان قريشا تذاكروا أحسابهم ، فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة الأرض فقال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وآله :
” ان الله يوم خلق الخلق جعلني في خيرهم قبيلة . ثم حين جعل البيوت جعلني في خير بيتا ” فأنا خيركم بيتا ونفسا ” صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله المطهرين : ” ان الله يوم خلق الخلق جعلني في خيرهم ، ثم لما فرقهم قبائل ،جعلني في خيرهم ، ثم لما فرقهم ”قبائل جعلني في خيرهم قبيلة . ثم حين جعل البيوت جعلني في خير بيوتهم . فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا ” رواه : أبو بكر بن أبي شيبه عن ابن فضل .. (2)
وهو شهادة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله في قوله تعالى :
” وتقلبك في الساجدين ” . وفيه تتكامل السورة ” الشعراء ” بآيات سورة الفرقان
آيات الشعراء مدخل التحدي والإعجاز …
قال تعالى : ” طسم “

: وهي مدخل التحدي والإعجاز الإلهي في سورة الشعراء الكريمة ، ويكاد يجمع أهل التفسير من أهل البيت عليهم السلام والمسلمين .. ” أن ” طسم ” هي من حروف الإعجاز القرآني الممنوحة لأهل المعارف الإلهية أي للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة المطهرين من ذريته وهم الأئمة الإثنى عشر عليهم السلام أجمعين .. فيها خلاصة السر وكلمات السر والفواتح الإلهية وسر المعجزات القادمة وخلاصتها في الأئمة المطهرين وجنودهم المخبوئين المدخرين في كل زمان وهو مفاد قوله تعالى في الفرقان : ” واجعلنا للمتقين إماما “ أي في التأويل واجعل لنا في آل محمد المطهرين إماما . وهي إشارة الى المهدي الموعود من الله لنبيه الأكرم يختم به الدين ويدرك به العباد العلم واليقين .. وفي الحروف النورانية ” طسم ” روحهم وسرهم في القرآن مطعمهم وخبزهم اليومي .. وهمهم الوصال الى عوالم العلي في علاه .. يدركون بها شرائطهم ومعاني وعيهم الروحي المتدفق وهو ما بيناه في قرائتنا الروحية للمصطلح القرآني : ” الحواميم ” وأسرارها وفواتحها .
وتجئ ” طسم “ بإعجازيتها اللغوية الصامتة حاملة للكنز المكنون والمكنوز الإلهي صرخة في وجه جماعات المكذبين والباغضين والحاسدين وأهل العداوة ” المنافقين” عرفوا بذلك ، صمتوا عند نزولها وقهرهم الله بسرها الإعجازي .. ولا يعلم سر الإعجاز إلا الله والراسخون في العلم .. هم أصحاب تأويله والمقاتلون في سبيله.. وستبقى معجزات الطاء والسين والميم سرنا الخالد ومكنون وعينا الثوري الروحاني الهادر حتى يجئ فاتحها وطارق بابها وهو خليفة الله المهدي الموعود عليه السلام .
ونرى في طسم .. عجائب قدرته تعالى .. بين يديه يقهر بها كل الطغاة ويكسر بها بوابات الظالمين .. خوارقها محتومة مع صراع المهدي عليه السلام في مواجهة إسرائيل وكل المستكبرين وأعوانهم المنافقين ، من رجالات شيخ الضلالة الأعور الدجال .. فهو عليه السلام مسقط رموزه ومنكس راياته .. ونرى في طسم .. أسرار الطهر المقدس المكنون .. فالطاء طهرا مقدس من عالم قدسه تعالى في علاه وفيها .. طوفان … الحرب المدمرة على أعداء حزبه تعالى وجنده .. فهم سفينة نوح القادمة في زمن الطوفان .. مع قوى الاستكبار والظلم العالمي بكل أدواته الإفسادية الشيطانية أي الصراع المتجلي بين حزب الله وحزب الشيطان في الأرض كل الأرض ..
و” السين ” هو سرهم المعجز في عالم ظلامي قاهر ، وسيفهم المدوي الباهر .. وسيرتهم المقدسة التي تغزو الخلائق .. إنهم أصحاب المهدي الإلهيون القادمون من فوق الشمس يقهرون ظلمات القوى الشيطانية في عالم سفلي لعين هابطة .. يعرف سر المصطلح العارفون وأهل العلا من المؤمنين ..
{ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
قال سيدنا أبو عبد الله الصادق عليه السلام :
” إن الطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم هي محمد المصطفي .. “
هم الثوريون الروحانيون القادمون كالقمر والساطعون كالشمس.. لا يدركهم سوى المتقون ، هم الراسخون عميقا من قدس الله مطهرون عارفون يستلهمون من العلي ثورة روحهم ومجد نبيهم .. شعار قائدهم النوراني في زمن النهاية .. ” أمت أمت : يعني :الموت الموت غاية وخيار، سيفهم نصرة كل المستضعفين ، يعز المهدي الموعود عليه السلام بهم الدين وهم أهل نصرته في وجه الخونة والظلمة والمستكبرين ..” يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ” .. السين في السيف ، والقسط مشتركة في المركب والغاية .. و ” الميم ” هو الإسم الحق وأصل الكلمات النور المخلوقة.. محمد صلوات الله وسلامه عليه.. و أواخر الختم في أسماء الله المتعالى ” بسم ” .. الرحمن ” .. الرحيم . المستقيم .. القويم ولا يخلوا من أسماء الله إلا وكان الميم مشتقاته وقسمته.
وهو سر الميم الإعجازي المعجز فمحمد صلوات الله عليه وسلامه هوسر الخلق ومكنون ثورته التوحيدية الخالدة…. وفي أم الكتاب سره ومكنون نوره فالميم في طسم .. محمد البداية وفيه المهدي ميما ونورا وختم ثورة النهاية .. فالميم محمود في الأرض وفي السماء فيه قبضة .. سيف الله المقاتل ومتوسطه ميم البتول .. فاطمة النجمة المقدسة .. عليها وعليهم صلوات الله وسلامه و.. السين والميم سيف الله المقاتل والمقاومة .. في طسم السر والمعجزة وروح ثورتنا العلية المقبلة ، فهو مركب حروف خليفة الله الموعود رمز قوتنا وغوثنا الإلهي القادم ..
كما نرى في الطاء.. طبيعة الثورة الإلهية وطوفانها القادم ، فخيارنا آل محمد الطاهرين السفينة و.. الطوفان لازمة لخيار ثورتنا الروحية المقبلة .. فيها خلاصنا ونهاية أهل عداوتنا .. و ” السين ” سلامتنا وسلامة القلوب الملهمة بالنور والمستسلمة لآل النبي محمد الطاهرين فهو غاية السالكين وهوية العارفين
.
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء65 .. والأعجب في تسمية السورة : ” الشعراء : فهم أهل العداوة الذين يتبعهم الغاوون {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ }الشعراء224
.. فليس في السورة المحمدية السر والمعجزة من الشعراء ذكر ولا هدية.. فهم الغاوون المستلهمون وعيهم السوداوي من حكومة إبليس الملعونة !!
والسورة بمخزونها تحمل أسرار كل المختارين .. هي بمعانيها السامية :” سورة المحمديون المهديون ” الذين يتبعهم أهل الله تعالى والثوريون المقاتلون من أجل العدل راية .. سورة المطهرون رمز الساعة والنهاية والمهدي وجهة مكنونها وسرها من البداية الى ختم النهاية ..وهو قراءة الطهر في ” الساجدين .. يجد من خيار المقاومة لكل أشكال الباطل وجهته في ختم النهاية .. وفي طسم قوة ثورته .. وفي السياق من السورة قوله تعالى : ” تلك آيات الكتاب المبين ” الشعراء : 2 ..
وقوله تعالى : ” تلك ” راجعة على ما قبلها ” طس ” وقوله تعالى ” آيات الله ” : هي معجزات الله في القرآن وحملة القرآن .. وقد ذكرنا في قراءتنا للمصطلح القرآني “آيات الله “ في القرآن هم : الأنبياء والأئمة عليهم صلوات الله وسلامه .. وفيها التدليل على أن مركب ” طسم ” الإعجازيةانما يقصد بها النبوة والعترة المطهرة ، وفي الإعراب : ” تلك : مبتدأ وآيات الكتاب خبر والمبين صفة كتاب وتلك كمبتدأ هي تعبير عن بدء الحالة وهي النبوة والعترة المطهرة .. وكون آيات الله خبرا فهم المعلن عنهم فهم حملة القرآن والمعجزات .. والمعجزات خلقها الله تعالى لهم والأنبياء عليهم السلام لهم والخلق لهم وهم عليهم صلوات الله وسلامه ورثاء النبوة والكتاب . وكون ” آيات الله خبرا فهم المعلن عنهم حملة القرآن والمعجزات ، وتبدأ السورة إجمالا بالخبر عن الآيات والمعجزات وفواتح القرآن الإعجازي كمدخل لوعي الآيات ودالتها . وفي قوله تعالى : “ الكتاب المبين ” معناه : الكتاب الظاهر المبين وهو نفس مركب الموضوع في سورة ياسين : ” إمام مبين ” وهو الإمام الظاهر المستعلي والمنصور ، والكتاب في المصطلح القرآني هو كلام الله المنزل .. ففي أغلب القرآن يجئ مصطلح “ الكتاب ” للدلالة على حامل السر القرآني وهو أمير المؤمنين عليه السلام ،لأن النبي والرسول في القرآن يعبر عن ذات المصطلح والكلمة الأولى : محمد ” صلى الله عليه وآله وبهذا نرى الكتاب المبين والإمام المبين يجيئان في سياق واحد … متوازيين في المعاني والمقاصد .. يحملان وعي الظهور .. أي ظهور خليفة الله الخاتم وهو المهدي الموعود خاتم الأئمة الراشدين المهديين من العترة النبوية المطهرين . . فهم بوابات الدين ، وهناك اصطلاح القرآن الصامت والقرآن الناطق .. والقرآن الناطق هو أمير المؤمنين علي عليه السلام . ولهذا كان القرآن الصامت يحتاج الى دليل وبيان ليكتمل النور في بيانه وظهوره .. وهو قوله تعالى : ” الكتاب المبين ” أي تلازم الحالة المتوحدة بين القرآن والعترة :”علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض ” .. فمصطلح القرآن يجئ قرآنيا للتدليل على ذات القرآن والكتاب كمصطلح قرآني يعبر عن حالة النبوة والولاية والتنزيل وهو مخا سنبينه بمشيئة الله في قرائتنا لمصطلح الكتاب .. والقرآن يحتاج لوعي إدراكي لمفهومه وناهل ينهل من منهل النبوة لاكتشافه .. والربانيون في القرآن هم الواعون لمكنون القرآن وهم : ” أهل الذكر ” و ” حبل الله المتين ” و ” الراسخون في العلم ” وكلها مفردات اصطلاحية هامة لتوصيف حملة القرآن وتبين سرهم الرباني الوثيق في نور الله وعرفانه .. وهم الصاعدون بالقرآن الى مستوى الظهور والبيان وظهور الكتاب يعني بوضوح لا لبس فيه هو ظهور الحالة النبوية الخاتمة بالمهدي الموعود عليه السلام ، واستواء الكتاب والقرآن كحالة متوحدة [ عصر الظهور ] ولهذا يجئ هؤلاء العشاق الربانيين لآل النبي محمد صلوات الله عليه وآله وسلم .. ليهيئون للكتاب حالته وللقرآن رفقته.. والكتاب المبين عندما يكون حالة في الصدور تكون الحالة قد استوت على عودها ، فيكون الظهور حالة المراد الإلهي .. فأصحاب المهدي من أهل البيت الطاهرين وأصفيائهم يكونون هم المختارون لأمر الله والرسالة في زمن ختم النهاية .. والقرآن هو حالة الكمال في العطاء الإلهي ، وهنا لزم من عالم الأمر تحقيق الغاية المرجوة بأن يكون القرآن في قلب الكتاب ـ الإمام ـ مشروعا ظاهرا مستعليا صوته في الأكوان وتكون المعجزات الظاهرة لخليفة الله ــ الكتاب المبين ــ ضرورة يقتضيها بيان الحق الإلهي . ولا يمكن الإستعلاء لخليفة الله في أرضة إلا بتسليحه بعلم الله الأزلي وهو قوله تعالى [ وكل شئ أحصيناه في إمام مبين ]وهنا يوضح القرآن في مدخل السورة حالة الإحصاء الإلهي في الإمام المبين الظاهر … أي حالة تكاملية بين الكتاب والقرآن والأسرار الإلهية وهذه الكلية المقدسة لا يمكن أن تستوي إلا بإمام مبين خلقه الله على عينه
.. ولهذا جاء التوصيف الروحي لها مسددا أو متكاملا في قيمته وسياقه وروحه .. وهو قوله تعالى : [ وكل شيئ أحصيناه في إمام مبين ] : ياسين .. قال أمير المؤمنين [ أنا الإمام الظاهر المبين ] . (3)
” وقد ذكر الإمام الصادق عليه السلام في تفسيره لقوله تعالى : [ وكل شئ أحصيناه في إمام مبين]و في تفسيره لخاتمة الآية: [ إلا في كتاب مبين ]، فاستقراء نظائر الآية في مبين ، تهدينا إلى قوله : [ وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ] ، وعند استقراء الآية الأخيرة في [ أحصى ] تهدينا إلى قوله: [وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ] النبأ29 ، فهذا يعني ان الإمام مؤول بالكتاب ، وهو ما يفيد ان الإمام هو ترجمان القرآن وعنده علم الكتاب، وهو ما يهدي إليه النظير: {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }الإسراء96 ، والتي تأولها الرسول r في علي بن أبي طالب عليه السلام ، وأكد ذلك ابن مسعود، ومن بعده الإمام الصادق عليه السلام ، فعندما يؤول الإمام الصادق الكتاب بالإمام مشيراً بذلك إلى نفسه باعتباره إمام زمانه فهو خليفة الله ورسوله وخليفة آبائه، ولكل زمان إمام ، بدليل قوله :
{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }الإسراء71 ، وهو مصداق قوله تعالى: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا }فاطر32 ” وهكذا تتضح وجهة أئمة آل البيت عليهم السلام في مسالة تبيان ” الكتاب المبين ” فلا قرآن بلا كتاب مبين يحمله ويتكون بتكوينه ويكون قوامه وسلطانه والكتاب المبين يكون حالة سلطان الله العلي ، والسلطان هو خليفة الله وحجته في أرضه ، وله مهمة البلاغ وهو قوله تعالي :
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } المائدة 67
وهذه الآية في ولاية العترة النبوية وميراث النبوة قد نزلت بحق أمير المؤمنين علي عليه السلام ، كما ذكره الواحدي في كتاب أسباب النزول . هذا وان فواتح القرآن هي دالة الله للإمام المبين الظاهر المستعلي ، وهو في المصطلح القرآني ” القائم
” على الدين ووولي الأمر والحجة على العباد.
{وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ }المعارج33 ..
قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله الطاهرين
: ” أنا وعلي بن أبي طالب حجة الله على أمتي” . (4)
ودلالته المتوازية معه في القرآن قوله صلوات الله وسلامه عليه :
” تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي وانهما لايفترقان حتى يردا علي الحوض ” । (5)

وفي رواية أخرى ” أحدهما أعظم من ” । (6) فجعل تعالي التعظيم المزدوج متوازيا ومندمجا { لا يفترقان } وهذه هي معجزة الولاية القرآنية وسرها ، أي أن المعجزات في القرآن هي معجزات الله تعالى الممنوحة أصلا للنبي صلى الله عليه وآله ودالة الولي الوارث والإمام المبين الظاهر على خطواته .. وهم المحفوظون المرعيون من الله تعالى : ونزلت فيهم قوله تعالى :

{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } يونس62 .
والآيات كما ذكرنا في مباحثنا هم الأنبياء والأئمة الوارثين عليهم السلام .. {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } النمل1 ..وفيها جمع الحالة الروحية بين حروف الحالة المعجزة وتعريف حملتها بالجمع ” آيات الله ” ودالة الحالة والآيات المعجزة هو ” الكتاب المبين ” أي حامل مشعل رسالة الثورة في وجه الطغيان ، وهذا لم يكن إلا لخليفة الله المهدي عليه السلام ..وعرّفهم القرآن بنفس المدلولات ..
قال تعالى : ” { الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ }الحجر1 ..
{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ }يونس1
ونفى الرحمن عنهم صفة الظلم ..
{تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ }آل عمران 108
وآيات الله هم حالة العترة المطهرة يجيئون بالحق يعلون ولا يظلمون .. وبهذا تكون وجهة التأويل هو تعظيم العلى الكبير لأنبيائه عليهم السلام فهم معجزاته وذكرهم في القرآن لتأكيد نورهم بأنوار الكتاب فيكون القرآن لهم الدليل والمعجزة ، وبصفة النبي صلى الله عليه وآله النبي الخاتم فهو الجامع لكل حركة الأنبياء عليهم السلام فقد خلقوا من نورة منذ الأزل .. ولو قلنا ظاهرا بأن المبين هو الله تعالى لأختلف المعنى والسياق الدال ، ولكن الأدل هو أن يكون ــ الكتاب المبين ــ هو عهد الله الممنوح لأوليائه .. ولكن سبق المصطلح القرآني ” آيات ” وهو جمع آية (7) لتبيان الحالة والآية المعجزة ، وإذا كانت المعجزة للنبي المرسل عليه السلام دليلا وبرهان وحجة اعجاز له في العالمين كما قومه .. فيكون النبي المختار محمد صلى الله عليه وآله هو الحجة البالغة لقوله تعالى :
{قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ }الأنعام : 149 ..
وفي قرائتنا لمصطلح الحجة تبين أن الأحاديث الواردة بخصوص الاحتجاج هي من قلب النور القرآني ، والنبي هو المبلغ بالدليل .. والقرآن في ضبطه وأوامره ومعجزته إنما جاء لسبيل النبي الأعظم معجزة دالة وقاهرة في أسرارها التي لم يكشف عنها إلا بحجة من جوانح الحجة البالغة .. ولهذا قدم الله تعالى ذكره لنبيه الأكرم قبيل ذكره للقرآن الحكيم وكان السياق معبرا عن حالة القسم والتعظيم لكرامته صلوات الله وسلامه عليه وآله المطهرين .. أفلا نتدبر القرآن في المعني .. أم نكون على قلوب أقفالها قال تعالى :
{ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ . إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } يس2 ـ 3
فهو صلوات الله وسلامه عليه في مدخل الآية جاء متوجا ومحاطا بظلال القسم الإلهي وجاء القرآن الحكيم تتويج آخر لحالة القسم والنبوة . لهذا اتجه الحاسدين للنبي وآله بالتفسير الخاطئ في كتب المسلمين إن ياسين هوالياس النبي واتجهوا لخلق أزمة تناقض في روح التفسير من جهة ومن جهة أخري ليقللوا من هالة التعظيم لحالة الاصطفاء الأول للنبي صلوات الله وسلامه عليه .. فجاء ياسين الرمز والعنوان محتويا على كلية القضية الأولى في الخلق والمنادي من بطن العرش اسمه وكلمته ينادي بها أبو البشر لغاية الغفران للبشر قبيل نزوله فكانت الكرامة للمنادى من ربه [ يا .. سين] أداة النداء والمنادى متكاملة في محتوياتها و التي فيها كنوز الأسرار الإلهية والمنادى به : [ بحق محمد وآل محمد ] فكانت الكرامة بالغفران والرحمة ..وكان الخلق مرحوما بأمة الله المخصوصة : ” محمد وآل محمد ” عليهم صلوات الله وسلامه . وأمتهم الملتفة حولهم هم في دائرة الرحمة المقدسة { أمتي أمة مرحومة } ولهذا كان الأعلون هم المخصوصون وكان من خلق لهم في مقامهم . قال النبي صلى الله عليه وآله مسلم :
” من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة “ . (8)
. وذكر ابن عساكر في تاريخه : [روى عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله علية وآله وسلم :
" إن فاطمة وعليا والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن "
.. (9)
فهم الأعظم في ملكوت الله .. ولهذا خاطبهم العلي القدير في دار الإبتلاء
{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران139

فهم الأعلون في الدنيا والآخرة ومن أحبهم كان معهم في جنان الله في علاه .
وذكر الخطيب في تاريخه: [ عن أم سلمة قالت : كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتته فاطمة ومعها علي فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : [ أنت وأصحابك في الجنة، أنت وشيعتك في الجنة …] (10)

.. ذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة: أخرج جمال الدين الزندي عن إبن عباس عليه السلام أن هذه الآية
لما نزلت قال صلى الله عليه وآله لعلي :
[ هو أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي عدوك غضابا مقمحين . قال: ومن عدوي؟ قال: من تبرأ منك ولعنك ، وخبر السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة طوبى لهم ، قيل ومن هم يا رسول الله؟ قال: شيعتك يا علي ومحبوك ] (11(
.. وفي مدخل آيات الشعراء البيان لأهل البيان ومناط الإحتجاج والإقرار قبيل الخلق وبعده وهم الحجة البالغة والمحجة البيضاء المطهرة . (12(
التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ” . (30)
وهذا النظم القرآني العجيب في مغازيه ومفاهيمه ومدلولاته.. إنما أريد به قوة الإعلان والبشارة للنبي والكتاب بالسلطان والظهور في ختم الدنيا كما بدء الرسالة المقدسة .. وأراد الله تعالى في غيبه كما قدره العزيز أن يكون الختم النبوي للرسالة في آخر الزمان بالمهدي الموعود خليفة الله المعظم عليه صلوات الله وسلامه…[ هاديا مهديا يسلك بكم الصراط المستقيم ]..[ إن تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الصراط المستقيم ]..[ ولا أراكم فاعلين ]..(31) فهو عليه السلام الكتاب الهادي .. فإن فعلوا كسبوا خير الدنيا والآخرة .. وإن لم يفعلوا فقد فعل الله إرادته العلية أن يختم الله في علاه دينه في مهدي آل محمد الطاهرين عليه وعليهم السلام.. والاستثنائية في المصطلح القرآني الحديثي كما قلنا تعبر عن تدبير الهي نافذ بولاية أهل الحق وتوريثهم الأرض ” وهو تماما قول الحق تعالى :
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }الأنبياء105
وهم ذخر الله السماوي في مواجهة أصحاب الشجرة الملعونة ।
{ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }محمد38 .. وهو سر المدخل في قراءة سورة الشعراء .
والسؤال لأمير المؤمنين عليه السلام قال : قلت: يا رسول الله .. أمنا المهدي أم من غيرنا؟ فقال: [ لا بل منا يختم الله بنا الدين كما فتح، وبنا يُنقذون من الفتنة ، كما أنقذوا من الشرك ، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك . وبنا يصلحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا ] (32)
وآل البيت النبوي المطهرين هم بمقام الأمة والأمم .. قال النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين علي عليه السلام : ” أنا وأنت أبوا هذه الأمة ” .. (33):
وعلى قاعة الإستعلاء الإلهي في النبوة والولاية كانت الرسالة تستهدف حركة الإنقاذ الشمولي للأمة بإتجاه تصعيد حركة الإيمان وروح الثورة الإلهية في العباد.. وشاء الله أن يكون الإفتراق والإبتلاءوالفتنه في واقع جماهير الأمة.. أن يبتلى آل النبي محمد صلوات الله عليه وسلامه .. وفي قوله تعالى : في علاه :
{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ }الشعراء3 {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً }الكهف6
: أي مدلوله في التفسير واللغة : ” أي لعلك مهلك نفسك عليهم أن يكونوا مؤمنين ” وقد أرسيت قاعدة الله في قرآنه : ” لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ” ولعلك باخع : فيها روح الإستعلاء بحالة النبوة . وفيها التدليل على العظمة الإلهية في توصيف القرآن للمسار التاريخي في الصراع المقبل بين .. أمة آل محمد المطهرين : [ ولتكن منكم أمة] فكان الثقلين عنوان التفسير في مواجهة أهل عداوتهم التاريخيين من السفيانيين ، وآيات السورة تستوعب هذا التصور الصراعي المقبل .. وكأن القرآن يرد أن القدر قد سبق في الإبتلاء والهداية من الله العلي القدير ..
{ولَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ }الشعراء3..
ففيها إرساء العدل بالتبليغ لإيجاد حالة الفرز الإيماني بين الحق الذي مع علي عليه السلام : [ الحق مع علي ..] والباطل المكتوب [ ألا يكونوا مؤمنين ]وهم المبدلين .. وكان بينهما الإبتلاء الداهم على بيت النبوة ..وحيا إلهيا قد بلغه الرسول صلى الله عليه وآله للمسلمين .. وأن استعلاء المحمديون المصطفون قد اتضح في قدر الله تعالى مسجلا والبخع لنفس النبي صلى الله عليه وآله على أهل الزيغ لن يدفع بالحالة الى مستوى القوة ، ولهذا عندما دخل في الإسلام المنافقون والطلقاء بالبلاغ والحجة كانوا في حركة الأمة سدا مانعا وخرقا محرقا !! ” وبخع النفس : قتلها وهذا يصور مدى ما كان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يعاني من تكذيبهم ، وهو يوقن ما ينتظره بعد التكذيب ,, فتذوب نفسه عليهم ــ وهم قومه ، فربه يرأف عليه وينهنه عن هذا الهم القاتل ويهون عليه الأمر ، ويقول له :
( ان إيمانهم ليس مما كلفت ولو شئنا أن نكرههم عليه لأكرهناهم “..(34)
وهو تصوير الهي عظيم ورقيق نحو نبيه الأكرم و حبيبه الأعظم في ملكوته .. أي يا حبيبي يا محمد :
لا تصل بنفسك الى أن تنخدع بهم وبظواهرهم .. وهو تعالى لا ينخدع لأنه معه يسمع ويري.. وفي مدخل الآية عظيم التصوير لقاعدة الانحياز الإلهي المحتوم للنبي صلى الله عليه وآله المطهرين وعترته من بعده .. وفيه الوعد الإلهي بأن يجعل الله لعباده المصطفين الأخيار الآخرة على الدنيا .. ” عن علقمة عن عبد الله قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم . فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه .
قال فقلت ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه . فقال : :
” إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا . وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا
وتطر يدا . حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود . فيسألون الخير فلا يعطونه . فيقاتلون فينصرون . فيعطون ما سألوا . فلا يقبلونه . حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا . كما ملئوها جورا . فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج ] .. (35)

ولكن الله المتعالي قد جعل لهم آخر الزمان تمكينا وخلافة وسلطان مبين ظاهر .. وكان القدر الإلهي أن يكون الإيمان المستعلي في آخر الزمان وزمامه بأيدي خليفة الله المهدي الموعود سليل النبوة وأن يكونوا هم الخندق المواجهة والمتواصل في هذا الصراع المحتدم اليوم بين قوى الضلال والإفساد العالمية وجماهير الأمة ، ويشاء العلي القدير أن يكون آل النبي محمد الميامين وأنصارهم اليوم هم طلائع المواجهة مع إسرائيل
وأعوانها من أنظمة الباطل السفيانية .. وهم أهل العداوة التاريخيين لمحمد وآل محمد الطاهرين عليهم صلوات الله وسلامه .. وأي تغيير لمعادلة الصراع القرآني مع هذه الشجرة الملعونة فهو تحريف لغايات المصطلح القرآني .. وقد اختار أهل الباطل اليوم كما الأمس الظالمين لهم سندا وبغيا في مواجهة منبع الحق الإلهي كتاب الله والنبوة والعترة.. في مواجهة خيار الاصطفاء الإلهي ” واصطفاني من بني هاشم .. “ فبني هاشم عليهم رضوان الله وسلامه هم حوض الطهر الاصطفائي وحاضنة النبوة والولاية وهم في قرآن الله المعظم : [ الساجدون ] وعلى هذا العطاء الإلهي العظيم حسدهم أهل عداوتهم وهو قوله تعالى : ”
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً }النساء54 .
.فالفضل النبوة والولاية .. ومدخل الشعراء هي توصيف للصراع بين الحق والباطل .
" نقل سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى سئل عن قوله تعالى :
{ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } المعارج2ــ 1
فيما نزلت
؟ فقال السائل : لقد سألتني عن مسألة
لم يسألني عنها أحد قبلك . حدثني أبي عن جعفر بن محمد " الصادق " عن آبائه رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما كان " بغد يرخم " نادى الناس فاجتمعوا فأخذ لبد علي رضي الله عنه ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه . فشاع ذلك فطار في البلاد وبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله على ناقة له فأناخ راحلته ونزل عنها ، وقال : يا محمد أمرتنا عن الله عز وجل أن نشهد أن لا اله الا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك . وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلنا منك ،وأمرتنا بالزكاة فقبلنا ، وأمرتنا ان نصوم رمضان فقبلنا ، وأمرتنا لم ترض هذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا ، فقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه فهذا شيئ منك أم من الله عز وجل ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : والذي لا اله الا هو إن هذا من الله عز وجل . فولى الحارث بن النعمان يريد راحلته، وهو يقول : " اللهم إن كان ما يقول محمدا حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم " فما وصل الى راحلته حتى رماه الله عز وجل بحجر سقط على هامته فخرج من دبره فقتله "
فأنزل الله عز وجل : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ . لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ من الله ذي المعارج}المعارج2 ــ1 (28)
ذكره صاحب نور الأبصار وابن حجر الهيثمي . وفي قوله تعالى :
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم (32"
وجاء في تفسير الطبري في تفسير الآية بما يكشف زيف أهل العداوة للنبوة والولاية
: يقول تعالى ذكره : واذكر يا محمد أيضا ما حل بمن قال : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } إذ مكرت بهم فأتيتهم بعذاب أليم وكان ذلك العذاب قتلهم بالسيف يوم بدر
وهذه الآية أيضا ذكر أنها نزلت في النضر بن الحارث "
عن سعيد بن جبير في قوله :
{ وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } قال : نزلت في النضر بن الحارث
حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله : { إن كان هذا هو الحق من عندك } قال : قول النضر بن الحارث أو : ابن الحارث بن كلدة
.. قتادة قوله : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك } الآية قال : قال ذلك سفه هذه الأمة وجهلتها فعاد الله بعائدته ورحمته على سفهه هذه الأمة وجهلتها ".. (36)
أما القرطبي فذكر الرواية والسبب الحقيقي للنزول وذكرها في ولاية أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام " قال : قال ابن عباس و مجاهد وقيل : إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري وذلك أنه لما بلغه قول النبي صلى الله عليه وسلم في علي رضي الله عنه : من كنت مولاه ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال : يا محمد أمرتنا عن الله نشهد أن لا إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك وأن نصلي خمسا فقبلناه منك ونزكي أموالنا فقبلناه منك وأن الصوم شهر رمضان في كل عام فقبلناه منك وأن نحج فقبلناه منك ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا ! أفهدا شئ منك أم من الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والله الذي لا إله إلا هو ما هو إلا من الله فولى الحارث وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فوا لله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت : { سأل سائل بعذاب واقع } (37).. ورغم واقع المؤامرة على حركة النبوة والولاية .. إلا أن النبي ألأكرم صلوات الله وسلامه عليه بقي صابرا محتسبا لكي يؤخر حمامات الدم من أهل العداوة والبغي على آل البيت عليهم السلام .. وقد تنامى هذا التيار النفاقي من التخطيط لقتل النبي صلى الله عليه وآله .. الى إعلان الدعاية العدائية عليه وآل بيته عليهم صلوات الله وسلامه ... وتمثل هذا العداء في عبد الله بن أبي من رؤوس المنافقين ليعلن أمام الملأ نفاقه
" لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله مر به عباد بن بشر بن وقش فليقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ". (38)
وذكر السيوطي : " قد قالها منافق عظيم النفاق في رجلين اقتتلا أحدهما غفاري والآخر جهني فظهر الغفاري على الجهني وكان بين جهينة وبين الأنصار حلف فقال رجل من المنافقين : وهو عبد الله بن أبي يا بني الأوس والخزرج عليكم صاحبكم وحليفكم
ثم قال : والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك
والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل
فسعى بها بعضهم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : يا نبي الله مر معاذا أن يضرب عنق هذا المنافق ".(39)
"
ومع هذا التحول العدائي إلا أن الرسول صلوات الله عليه وآله كان مشفقا على حال الأمة من الفتن والاختلاف .. وكان همه قوله الدءوب إليه تعالى " أمتي أمتي .. " وكان الإشفاق من الله تعالى علي حبيبه الأكرم صلى الله عليه وسلم ولهذا جاء في مدخل الشعراء قوله تعالى : {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ }الشعراء3
: أي لا تنخدع بهم أي في المنافقين وهو أنموذج تربوي عظيم .. و العلي الكبير في السياق القرآني أن يؤكد على انهيار الحالة الإيمانية عند أهل العداوة وإنهم لن ينفع لهم الدعاء و أن أمر الله بالسيف قد وقع عليهم إن اختلفوا على ولاية أهل بيتك وقتلوهم فسيضرب الله عليهم الاختلاف الى يوم القيامة .. وهذا قول جبرائيل عليه السلام .. ورد ذلك واضحا في كتاب القرطبي : التذكرة في باب قتل الحسين عليه السلام .. . وفي سورة الشعراء البيان والتأصيل لطرفي الصراع الكوني المستمر : "
{إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }الشعراء4 ..
المعادلة الإلهية في حركة الصراع : انه بين التوجه السفياني النفاقي وبين آل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ..الذين جاء فيهم قوله تعالى {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }الشعراء4
يخضع العلي القدير رؤوس أهل العداوة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لبغضهم وحقدهم وحسدهم الدفين على البيت الهاشمي المصطفى .. يواصلون الكيد ، وعندما جاء الإسلام كانوا في المؤخرة من الدين وكانوا الطلقاء لا الرؤساء .. وعندما رأوا أن البيت النبوي الهاشمي لامحا له منتصرا وهو على أبواب مكة رفعوا ثوب الذلة والانكسار : " أخ كريم وابن أخ كريم !!وبين صفوف المسلمين كانوا وقادين للفتنه وليس أدل على ذلك ما رواه الهندي في كنز العمال : " " إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص جميعا ففرقوا بينهما " .
عن سعيد بن عفير عن سعيد ابن عبد الرحمن من ولد شداد بن أوس عن أبيه عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه أنه دخل على معاوية وهو جالس وعمرو بن العاص على فراشه فجلس شداد بينهما وقال : هل تدريان ما يجلسني بينكما ؟ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رأيتموهما جميعا ففرقوا بينهما فوا لله ما اجتمعا إلا على غدره فأحببت أن أفرق بينكما " (40)
ولهذا البخع النبوي بألا يكونوا مؤمنين كان الرحمن يعاجل نبيه بالسر :
{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً } الكهف : 6 ..فكان التعليل في الآيتين لتأكيد وجهة المنافقين . الذين تسربلوا بالدين وهم الذين قالوا : سيخرج منها الأعز الأذل !! قال تعالى :
{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72 ..
أنها أمانه النبوة والولاية التى استعر الموقف العدائي في قريش وخارجها بشأنها .. اندفع الخط النفاقي الى التوحد وتجاوز الصمت للتشهير بالأمر الإلهي بالبلاغ عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام .. وتجمع كتب التفسير عن تسعير الموقف بعد خطبة الوداع ..ولو جمعت خطب الولاية في حجة الوداع وهي متناثرة في كتب الحديثي لظهر الحق اليوم جليا !! . وقد كان رد العلي القدير ساطعا في حمل أمانة الولاية لا يكون إلا بأهل البيت ذاتهم وأنصارهم في هذا العالم .. فأمانة نأت الجبال عن حملها !! ذهب الظالمون والجاهليون المتسربلون بالدين الى حملها فذبحوها !! لقد كانت فاجعة كربلاء الصورة الفاضحة لضياع الولاية واختلاف الأمة ؟ فحملها الإنسان الظالم .. وعندما يجتمع الظلم والجهل فيكون ضياع النور والحقيقة .. أي من يحمل الرسالة خارج سياق التكليف الإلهي الشرعي : ستكون عليه مثل الجبال .. لأنه بامتلاكه مساحة الجهل والتخلف الظالم سيكون الإفراغ الظالم في الأمة !! ولهذا انكسر مشروع النبوة بعد مجازر كربلاء الفاجعة . فمن فاجعة الى فاجعة ... سيمتد التاريخ بثوب الحزن والسواد بقتل أمة النبي عترته عليهم السلام !! ولوحق أنصارهم بتهمه الخروج على الحاكم وبقيت سمة الأنظمة البوليسية الى يومنا هذا !! وكانت النقمة تحل بالأمة المسلمة وجماهيرها بعدما قبلت التعامل مع حكومات القتلة البديلة !!
وهذه الظلال لا تتسع لتسجيل مأساة التاريخ المروعة !! واعتبر الزيف نيابة .. وذنب السوء عنوانا وقبلة .. لهذا كان الدم النازف يدفعه المتقون في آل البيت وأنصارهم .. عن أبي عبيدة الجراح عن عمر بن الخطاب قال : " أخذ رسول الله صلى الله علية وآله وسلم بلحيتي ، وأنا أعرف الحزن في وجهه فقال : [ إنا لله وان إليه راجعون أتاني جبريل آنفا فقال : إنا لله وإنا لله راجعون . فقلت إنا لله وإن إليه راجعون . فقلت فمم ذلك يا جبرائيل ؟ فقال إن أمتك مفتنة بعدك
من دهر غير كثير ، فقلت فتنة كفر أو فتنة ضلال ؟ فقلت ومن أين وأننا تارك فيهم كتاب الله ؟ قال: فبكتاب الله يفتنون وذلك من قبل أمرائهم وقرائهم بمنع الأمراء الناس الحقوق فيظلمون حقوقهم ولا يعطونها فيقتتلوا ويفتنوا ، ويتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي .. ثم لا يقصرون. قلت : وكيف يسلم من يسلم منهم ؟ قال بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وان منعوا تركوه .. (41(
وهكذا جاءت الفتنة سريعا وفتحت أبواب الأهوال على الأمة . وجاء في الحديث الصحيح :
" هلاك أمتي على يد أغيلمة من سفهاء قريش " قال صلى الله عليه وآله : " يهلك أمتي هذا الحي قريش " قال : فماذا تأمرنا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " لو أن الناس اعتزلوهم .. (42) وكانت هذه المقدمات الأزمة تدفع بالأمة مبكرا الى حالة من التمزيق والتجزئة الى طوائف وأحزاب ودول وجميع منابرها تلعن آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله !! ظلما وجورا.. لتكتمل هذه الدورة التاريخية ملفوفة بالسواد والحزن .. وحين يصعد القردة على المنابر تكون علامات النهاية وآخر الزمان لكي يطل السفياني من باب سواد المرحلة والتاريخ .. وآخر هذا الزمان ليكتمل التاريخ وتنهار مرة أخري حقبة الزيف والجور بمجيء قادة العدل الإلهيون .. " وهكذا تصف الأحاديث المفسدون بالقردة وتلاحقهم باللعنة . قال صلى اله عليه وآله وسلم :
" ليرتقين جبار من جبابرة بني أمية على منبري هذا " ..[ روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : [ أن رسول اللهr قال: " رأيت في منامي كان بني العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة " قال : فما رؤي النبي بعدها مستجمعا ضاحكا " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " .. وفي رواية أخرى " مالي رأيت بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة" (31) فهم القردة وصناع الفتن وأدعياء الدين والسنة بالزيف على منبر النبي وكرسي الرسالة. (43(
وكان واضحا أن الذين ينزون على المنبر النبوي الى يومنا هم بقايا بنو أمية وبنو العاص وبني مروان وأن القفز على المنبر بروح وسياسة قردوية !! إنما يعني أن انقلابا على التاريخ النبوي قد حدث !! وأن ضياعا للأمة وزلزال في الحرم المكي أضحى وشيكا ؟
.. وان هي إلا بضع سنين وكان الحجاج وابن زياد وبأوامر من يزيد بن معاوية يقذفون الكعبة بالمنجنيق ـ الصواريخ ــ !! ويحرقون أركانها ويقتلون أهم الصحابة وحفظة القرآن عليهم رضوان الله .. ويقف الحجاج ليعلن بالسيف شعارا دمويا لمرحلة : " ليسؤوا وجوهكم !! ويرسم بروح الإساءة للسفياني القادم في قاع التاريخ صورة للزيف والدموية ..
"عن هشام ابن حسان قال : أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألف قتيل" .. (44(
" وعلى أبواب مكة المشرفة يكون الخسف وفي مدخل سورة الشعراء الأمل والقضية ؟؟ إنها قضية المواجهة مع حالة المعرضين وهو قوله تعالى :
{إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ }الشعراء 4 ــ 5 الأمل .. بعودة العدل الإلهي الى العالم بمقدم المهدي الموعود عليه السلام سيكون السفياني حامل لواء الإعراض وذروة الشجرة الملعونة... ففي التاريخ بعد رؤية النبي أبناء القردة ينزون على منبر النبي الأعظم صلى الله عليه وآله . "
عن عائشة أنها قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه بياض لهواته ــ"تفسير ابن كثير ج4/204 قوله تعالى : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم ".ــ
لقد رسم الطغاة على وجه نبينا الحزن والغضب حتى لقي الله تعالى بحزنه على حال الأمة ؟ فشاهت وجوههم بالذلة والخضوع لمعالي الحق النبوي القويم ولهذا نزل الحق في الشعراء ليخفف عن النبي حاله وحزنه بالأمل القادم وتكون ختم نهاية عالمية الله المتعالي له صلوات الله وسلامه ولذريته ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين على عليه السلام عن المهدي من ولده عليه السلام : ياعلي : " بل منا يختم الله به الدين فتح بنا وينقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك ... " . (45)
وهكذا رسمت سورة الشعراء صورة : [هم الغاوون ] وكأنهم شعراء الجاهلية يبرزون في ثوب هجائي يوم داحسّ!! .. وهكذا كانت مدخل السورة المقطعة حروفها تنذر الأجيال بتقطيع أوصال الظالمين والجاحدين لقدس الله وروحه .. [ روحا من أمرنا ] والمستخفين بمعاني الحقائق الإلهية .. بأن نور الله قادم وشيك .. فقد أصبح آخر الزمان بين أيدينا ظلاله ؟؟ يسكننا الأمل بأن ذيول الطغاة وكل العملاء والمفسدين حتما منكوسة رؤوسهم .. سيجللهم الخزي يوم المحكمة وصدق سفر دانيال النبي علية السلام في التوراة :
“1 نَهْرُ نَارٍ جَرَى وَخَرَجَ مِنْ قُدَّامِهِ. أُلُوفُ أُلُوفٍ تَخْدِمُهُ، وَرَبَوَاتُ رَبَوَاتٍ وُقُوفٌ قُدَّامَهُ. فَجَلَسَ الدِّينُ، وَفُتِحَتِ الأَسْفَارُ. 11 (49) .. الحساب وشيك أيها السيد دانيال النبي … عليك الصلوات بشارتك بخليفة الله في القدس أضحت مشرقة في عين الحقيقة . [ ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية ] إنها معجزة الرب الخالدة في الخسف المدوي على بوابات الحرمين .. الآن ندرك القرآن .. الآن ينزل القرآن من جديد . ندركه كعشقنا لمهدينا والقمر .. بفرج آل محمد والمهدي قادم .. يفتح الأسفار بمشهد كل الشاهدين للحق .. انه قول الحق في علاه : [ ويوم يقوم الأشهاد ] تقوم من رقدتك أيها السيد دانيال وكل الأنبياء الشاهدين .. عليهم صلوات الرب وسلامة جوار مهدي آل محمد وكل القادمين والمسكونين بالحزن والعشق والحرية .؟ لتظل أعناق الطغاة لنا خاضعين ولنسحق من جديد كل المتسربلين اليوم بلباس يزيد القاتل ولباس العداوةلآل محمد … النبي الأعظم في ملكوت الله يفرح من جديد بنزول المهدي السماوي ” فظلت أعناقهم لنا خاضعين … ” وليعلم الظالمون اليوم أي منقلب ينقلبون … نفهم نحن حواريوا المهدي الموعود عليه السلام القرآن .. مشروع التجديد والثورة .. ندركه بشرائطه وقوانينه . وكأنه نزل الساعة بين يدي جبرائيل السيد الرائع عليه السلام .؟ على أمة متقطعة ..نفهم منه النزول كأنه نزل الساعة في صدر النبي وجحور آل النبي المطهرين .. نفهه مشروع انقلاب وثورة وردا على كل إشكالات المرحلة .. قانون دفاع للمظلومين في وجه الظالمين نسقط بروعته وكنوزه ستار التاريخ المقيت وكل أشكال إنقلاب التاريخ والصورة ، وحتى لا يفهم القرآن كماهو الموروث بالصورة المقلوبة .. يجب أن يكون أهل تأويله المتقدمون في تأويله ، فهم عليهم السلام أهل الله وأهل النبي وأهل القرآن ..
(49) [ لايفترقان عنه حتى يوم القيامة ].. بهذا الإدراك الرائع ندرك عمق الحقيقة .. الحقيقة التى تكسر عجلة المستكبرين وأعوان التطبيع الساكنون في قلب عاصمة الدجال اللا أبدية .. جاءت حروف الشعراء المقطعة .. في المدخل لتؤكد من جديد أنها سر النور لكل المسحوقين والمظلومين .. نصرخ بها على بوابات الحرمين وقبر الرسول المقدس باللعنة الدائمة على كل القتلة التاريخيين .. داعين العلي القدير بأن يعجل بالفرج و بالخسف المدوي بجيش السفياني الملعون .. في الأرض وفي السماء نلعنه كما لعنه الله العلي والنبي الأعظم .. مدخل الشعراء ثورة على الزيف والمزيفين وفي ظلال قرآن الله .. ندرك شرط نهضتنا وثورتنا وموقعنا أن الشعراء وهم أمة الزيف البطانة !! هم عنوان الثورة الباطلة . وأن التاريخ وظلال النور ستكون بقامة مهدينا القادم .. يجيء السفياني نحو الحرمين بجيش الردة .. ويجيئ مهدي آل محمد الطاهرين بجيش الغضب الإلهي يحمل من قلب صيدا والقدس وغزة مشاعل النور لرسم خارطة الأمل .. هذا هو تفسير الأصول والحالة و التاريخ المقبل .. أن يتحول الحزن الى فرح والنبوة الى مجد .. والأئمة المطهرين الى مشاعل نور جديدة .. تربط بين الحب وروح ا لحرية والشفاعة [ وهم يومئذ من فزع آمنون ] … وهكذا كانت : [ طسم ].. ترسم الدائرة والرمز حين يطرق مهدي آل محمد عليهم السلام أبواب مكة .. ندرك معاني القرآن وأصول المصطلح!! والذين كانوا يسوقون التاريخ بإتجاه واحد وبعين واحدة عليهم أن يعيدوا صياغة ذواتهم وأرواحهم قبيل مجئ الدابة الثورة .. وإغلاق باب التوبة … (52)

.. وللطواسين الثلاث في السور الثلاث آيات ومكنوز ثوري وتوحيدي لا محدود . ولقد اكتنز الرحمن في علاه آل محمد كما النبي يولد من جديد للقرآن الكريم سربالا وعطاء .. ” سلوني قبل أن تفقدوني ، لآنا أعلم بطرائق السموات من طرائق الأرض ” هذا الوعي المحفوظ كقرآن الله لا يمكن إدراكه إلا من صدور العترة النبوية المطهرة .. وفي قراءة فواتح القرآن يدرك الوعي والتاريخ وهوية القادة وهذه شهادات علماء المسلمين تؤكد أن حقيقة التأويل الحق .. و الترابط الجدلي بين مقدمات التاريخ والقرآن.. بأن فواتح الشعراء قد نزلت في مواجهة السفياني وكل امتدادات الزيف الأموية أن تاريخ زمن الختم والنهاية لن يقلب مرة أخري !!
هذا وعينا المقبل أن نتعامل مع التاريخ بوعي لا بثورة مضادة .. ولا بزيف طائفي !! ولكن بروح ثورية وإنسانية لا محدودة ، ولهذا تتكامل السورة بالمعطى القرآني .. وسورة الفرقان تبدأ بالمباركة والخيرية والأمل
{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }الفرقان1
وفي سورة الشعراء تمتد البركة الإلهية ونهاية التاريخ ॥ ليكون النذير في زمن النهاية .. وفي الإسم الرمزي المعجزة [ طسم ] يجئ السياق القرآني في السور الثلاث بشكل متوالي واضح البيان والمعالم : [ تلك آيات الكتاب المبين ]: الشعراء : 2 .. وفي سورة النمل : [ تلك آيات القرآن وكتاب مبين ] النمل :1 وفي سورة القصص :
[ تلك آيات الكتاب المبين ] النمل :2 وفي الآية الثالثة من السور الثلاث تبدوا حركة التوجيه الربانية واضحة التدليل : [ لعلك باخع نفسك ] وتفيد كما أشرنا في سياق ظلال السورة تجاوز أزمة المنافقين وأهل العداوة بروح أمل إلهية وثقة في عطاء الله تعالى ، والآية الثالثة في سورة النمل قوله تعالي [ هدى وبشرى للمؤمنين ] . وفي الآية الثالثة في سورة القصص
{ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } القصص3 .
. وبهذ ه التلاوة والغوث الإلهي والتتالي المعجز في القرآن ندرك قيمة العطاء القرآني في تفسير آيات القرآن .. وندرك أيضا معالم وجهتنا الجديدة .. وأمامنا عمق التجارب التاريخية من الصحابة الأبرار ممن قدموا دمهم في كل معارك التاريخ نيابة عن شرف النبوة وشرف المطهرين من آل النبي محمد عليهم السلام .. هذا المدد التاريخي نملك به وجهتنا لنربط به كما في مدخل ظلال السورة بين الصورتين الصحابة المكرمين وأصحاب المهدي الإلهيين ..
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } ..
بهذه الوحدوية الكاملة كان التنزيل وتفسير الحالة..
{ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سمياهم فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ }
توحد كامل بين النموذجين .. وصدق النبي صلى الله عليه وآله في قوله : [ خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي من بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ] . الحديث أخرجه الشيخان وعند الترمذي : [ثم يجيء قوم يعطون الشهادة قبل أن يسألوها] وعند ابن حبان :
[ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل على يمين قبل أن يستحلف ويشهد على الشهادة قبل أن يستشهد " . (50) وبين التجربتين يجئ المتسلطون بالباطل على الأمة يؤكدون فكر العداوة . والمعادلة التاريخية في النهاية ترسمها السورة بضرورة وجود الأنموذج النبوي البديل على مستوى قيادة الأمة وهو المهدي الموعود القادم وأصحابه الربانيين تكرار الصورة
.. { ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح:29 ..
وهي كلمات البشارة والسر التفسير والوعد الإلهي الصادق بنصرة الصادقين الذين يغيظ الله بهم صورة النفاق والزيف المتكررة ، ويؤسس بها المهدي خليفة الرحمن عمق البشارة الأمل وروح النبوة والتاريخ .. فالذين أمنوا هم آل البيت النبوي المطهرين والذين عملوا الصالحات هم أصحاب النبي والأئمة المطهرين وأصحاب المهدي عليه السلام . ــ جيش الغضب ــ (51(
.. أيها السادة يجب أن ترسم في الذاكرة صورة الوعي النبوي بكرامة وبلا زيف يقتل أنموذج الوعي ووجهة روح الثورة التغييرية في فكرنا وعقيدتنا ، وبالعودة الى وجهة السورة في تبيان حقيقة الإنقلاب المزيف {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ }الشعراء224 .. ينبع منها هذا المصطلح [ الغاوون ] بمحتوياته من أبعاد وتواريخ وخلفيات..
وفي هذه القراءة القرآنية يحدد تعالى الوجهتين : وجهتنا ووجهة أعداؤنا وهم الغاوون .. الصورة النقيضة تماما لوجهة الحق وغلاف الحقيقة على مستوى الأصول والتاريخ.. المطهرون في القرآن يجيئون بإرادة العلي القدير والغاوون أعداؤهم يجيئون بسربال الشيطان وثقافة إبليس المتمرد .. صورة الانقلاب على الحق تمام الوضوح أمام عرش الرحمن .. هي نفس الصورة لأدوات إبليس الرجيم وفروعها من الشجرة الخبيثة في القرآن .. الإنقلاب على الطاعة الإلهية بالعصيان تنقل لحكمة إلهية نحو الأرض ليبدوا لنا التصور واضحا .. إننا نقف بالتحدي أمام حالة فرز جديد بين الحق وصورة الباطل التاريخي !! .. {وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ }الشعراء :5 . فالذكر هم حملة القرآن والحق المحدد مع النبي والعترة المطهرة والصحابة المقتفين خطواتهم نحو الطاعة في مواجهة خط العصيان التاريخي ..وحتى تكتب لأرواحنا الطهر والكمال ولمشروعنا الثورة النجاح يجب أن نخرج بوعينا من قلب القرآن بلا تبعية ولا تقاطع مع بدائل الزيف ومشاريع التفريغ والتطبيع وسياسات الإحلال الديني الزائف… هذا وان من شرائط وعينا في زمن المهدي الموعود أن نكون وجهته لا وجهة الزيف !! يريدون منا أن نخضع لأزمات التاريخ وأن نطبع وجهتنا على شكل المسيخ القادم !! ونحن نؤكد على مشروعنا السماوي الحسيني من قلب قدس النبوة : [حسين مني وأنا من حسين ]قاعدة الثورة ومركب النور .. في مواجهة مركب الزيف وحالة الغاوين .. .. وحتى يتحقق وعد الحق لرسوله الأكرم صلى الله عليه وآله : من القدس الى مكة فلا بد من تحقق مرحلة : [ فتظل أعناقهم لنا خاضعين ] .
و قد أجمع معظم أهل التفسير أن مدخل سورة الشعراء هو المتعلق بالإنباء عن أحوال آخر الزمان و هو علم الساعة .. وأمر الساعة هو المهدي الموعود عليه السلام كما ذكره ابن حجر الهيثمي في الصواعق .. والمهدي لا يأتي إلا لمحاربه الزيف
وقتل فقهاء الزيف والمتجبرين في الأرض :
[ المهدي منك يا فاطمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ]
وهو في الآية الكريمة الذكر المحدث : أي يجئ بالعدل والقسط ويشتعل المخلصون به في هذا العالم .. فهو القرآن الناطق وهو ختم النبوة في ثورة روحية إلهيه منقطعة النظير..
{ فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون }الشعراء6 ..
والتكذيب لا يعالج إلا بالصادقين
وفي قوله تعالى {فَقَدْ كَذَّبُوا } هو التدليل على منهج هؤلاء الغاوين والمكذبين الذين امتهنوا الكذب سياسة وتاريخ وأضحت الخيانة في وعيهم المسلوب : [ وجهة نظر !! ] ولكن العلى القدير لا يخلف وعده رسله وإنه على كل شئ قدير ..
وفي قوله تعالى : { فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون }
هو للتعبير عن وعيد مستقبلي في آخر الزمان والنبأ العظيم في التفسير هو الخبر العظيم الذي يذهل الناس منه وفي غريب مقدمه المذهل.. روى جابر بن عبد الله عن النبي الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وآله : قال.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء قال ومن هم يا رسول الله قال الذين يصلحون حين يفسد الناس ”
(52).. ألم يقل النبي صلى اله عليه وآله : ” فقال إني لمشتاق إلى أخواني فقلنا أو لسنا إخوانك يا رسول الله قال كلا أنتم أصحابي وإخواني قوم يؤمنون بي ولم يروني ” رواه : عبد الله بن أبي أوفى . (53)
” عن طلحة عن أبي صالح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : متى ألقى إخواني ؟ فقيل : يا رسول الله ألسنا إخوانك ؟ فقال : أنتم أصحابي و إخواني قوم من أمتي لم يروني يؤمنون بي و يصدقوني ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أي الخلق أعجب إيمانا ؟ قالوا : ملائكة الله فقال رسول الله صلى الله عليه قالوا : فأصحاب النبيين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : و ما لهم لا يؤمنون و أنبياء الله عز و جل فيهم ؟ لكن قوم من أمتي لم يدركوني يؤمنون بكتاب من ربهم فيؤمنون به و يصدقونه )
وقد ذكر ابن إسحاق الرواية في معرض تفسير قوله تعالى :
[ الم ذلك الكتاب لا ريب فيه ] حتى بلغ : { أولئك هم المفلحون } البقرة 2 ـ 5
.. )عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يوما لأصحابه و هم مجتمعون حوله : عجب و ليس بالعجيب أن رجلا بينكم بعث إليكم فآمن به من آمن منكم و صدقه من صدقه منكم فهذا عجب و ليس بالعجيب و عجب و هو العجب العجيب العجيب قوم يؤمنون بي و لم يروني ] (54(
وهكذا نكتشف الربط التسلسلي الرائع في المكنوز القرآني بين قوله تعالى : {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون }الشعراء 6 ..
وبين ما جاء في سيرة ابن إسحاق : في تفسير قوله تعالى : ” ذلك الكتاب لا ريب فيه * هدى للمتقين ” وهو المهدي عليه السلام وأصحابه الإلهيون القادمون وهم عجب العجاب في إيمانهم وتعلقهم بحبهم لقائدهم حتى دون أن يروه ” !! وإذا كان القرآن يبشر بقوم هذه سماتهم العلية في إيمانهم وثورتهم الروحية وشهيدهم لا يقارن معه شهدا ء بدر الأولى .. هذا وان قيادة وأمة إلهية قادمة بهذه القياسات .. وهم أخوة للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله ومشتاق إليهم .. ويبكي حزنا عليهم .. ويذهل من أخبار إعجازهم .!! ألا يكونوا هم جنود المهدي الموعود وأصحابه الإلهيون عليهم صلوات الله ورضوانه ؟ أليس هم المنظرون في فواتح القرآن أملا لأمة عظيمة جاء ذكرها في التوراة والإنجيل .. أليس هم المجددون المصلحون الغرباء في هذا العالم !!
” عن كعب قال إن قبور شهداء الملحمة العظمى لتضيء في قبور شهداء من قبلهم ” . (55(
وعن هذه العظمة لمقامهم الجليل يروي الصحابي الجليل عب الله بن عمرو عبد الله بن عمرو قال أفضل الشهداء عند الله تعالى شهداء البحر وشهداء أعماق أنطاكية وشهداء الدجال “ ..
فأما الثلث الذين يقتلون فشهيدهم كشهيد عشرة من شهداء بدر يشفع الواحد من شهداء بدر لسبعين وشهيد الملاحم يشفع لسبع مائة ” .. (56(
والملاحم التي يقودها خليفة الله المهدي عليه السلام في مواجهة إسرائيل المجرمة وكل المفسدين في الأرض السفياني الملعون على رأسهم ॥ هم المرشحون وحدهم لنيل مقام شرف العلي المقدس ॥ألا يستحقون أن يحملوا اسم ذكر الله في الأرض !! ألا يستحقون أن يكونوا قرآن الله في أرضه
ألا يستحقون أن يكونوا كتاب الله في أرضه …
الله هو الذي يذكرهم في قرآنه : ”

{ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } البقرة: 2 ..
سماهم العلي بالمتقين॥ ومعنى لا ريب فيه : أي لا شك فيه وهو المهدي عليه السلام .. وجاء في الحديث: [الشاك في أمر المهدي كافر لأنه من المحتومات ] (57) والمهدي الخاتم هو بوابة الهدى :

[ و إن تولوا عليا تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق ] ذكره : الحاكم في المستدرك ..وقال :
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه ..والمهدي عليه السلام هو الذي يختم الدين ويؤسس لمشروع الهداية وحرب التحرير.. وهو خلاصة المصطفين في الأرض وفي السماء
” هدى للمتقين ” وبهذا لا يصل المؤمنين لحالة التقوى ويكونوا من المتقبلين والمخلصين ـ بضم الميم وفتح اللام ــ إلا بالاصطفاء ولهذا حددنا في كتابنا : المهدي النزول ــ الخروج ــ تحرير القدس ــ بأن هؤلاء المتقون هم الأبدال الصالحون والذين لم يبدلوا تبديلا ॥ وهم من أهل بيته وخاصته المدخرين ..
فهو عليه السلام كما جاء في القرآن والتوراة اسمه الكتاب وهو الهدى وهو .. الذي لا ريب فيه .. ” دانيال : 7 /11
وفي السورة الشعراء جاء قوله تعالى بينا واضح المعالم :

{فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون }الشعراء6 …
وقد شرحنا أن المكذبين الغاوين هم أعوان السفياني من أنظمة التجزئة الأموية !! فهم في قرآن الله وسنة نبيه هم الذين يحاربون المهدي الحق وهو الآتي حتما وصدقا وعدلا ..
ويلاحظ في الآية صيغة الجمع : في قوله تعالى : ” أنباء ” وهو جمع نبأ : وهو الخبر العاجل الذي يأتي بغتة كالموت !! والملاحظ أيضا أن هذه الأنباء هي بصيغة الجمع والمذكر لأن فيها التهديد والوعيد للمكذبين للرسالة والنبؤة القادمة .. وفي الاتجاهين تكون الأنباء المسلحة والمشمولة بذراع القوة هي سبيل المواجهة والمهدي الموعود عليه السلام هو المنتقم من أعدائه وأصحابه المحظيين هم أبدال الشام المرابطين ، روى” ابن فاتك الأسدي يقول أهل الشام سوط الله في أرضه ينتقم بهم ممن يشاء من عباده وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم ولا يموتوا إلا غما وهما ” . (58(
فهم الأنباء العظام وهم الأشداء المنتقمون من أهل الفرقة والإختلاف والعملاء .. وجاء في سورة النبأ التأكيد على التفسير : ” عم يتساءلون عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون ” والنبأ العظيم كما جاء في مرويات آل البيت عليهم السلام هو خبر الولاية في حجة الوداع وهو بالتخصيص ولاية أمير المؤمنين الذي لا يخلوا كتاب من المصادر الحديثية إلا وأشار إليه ” وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِِ من والاه وعاد من عاداه ” (59) وقال r : ” علي مني وأنا من علي ، ولا يؤدي عنى إلا أنا أو هو ” .. ” ماذا تريدون من علي ، علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ” أخرجه أحمد في المسند ” .. (60)
وخليفة الله المهدي عليه السلام وهو سليل النبوة الخالدة وبشهادة أهل التفسير أنه علم الساعة .. فهل يمكن أن يكون اليوم أمرا ” عظيما ” مرتقبا غير المهدي عليه السلام .. لفرج الأمة الرازحة تحت نير المستكبرين وقوى الإفساد العالمية ..
{ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ }النبأ : 3
وهم كما اختلفوا على جده علي بن أبي طالب عليه السلام يختلفون عليه !! وهاهي الأمة بين محق وزائف في المهدي عليه السلام .. وبين مدع للمهدية !! وبين من هو منتظرها .. وبين ماهو قائل : أنه محمد بن عبد الله .. ومن يقول أنه ابن الإمام العسكري عليه السلام !! والذي يحسم الأمر القرآن بأن المهدي عليه السلام يأتي كنبأ عظيم وجملة الأحاديث الشريفة تؤكد أنه يأتي على غفلة من الناس فيذهلون .. ونسي الجميع ” وهم يتساءلون عن حقيقته {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ } : النبأ :1 أن شرائط ظهوره عليه السلام لم يبق منها شئ ، وأنه إبن رسول الله صلى الله عليه وآله ويجئ بمعجزات عظيمة .. وسنة الإختلاف لاتعني شيئا من إرادة الله العلية .. {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } يونس36 .. ولهذا جاء في سورة الشعراء التهديد والوعيد وهو تعالى الذي يجعل الملائكة بين يديه عليه السلام عند ظهوره الوشيك المرتقب :
{إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }الشعراء4
والإخضاع كمفهوم لغوي وسياسي وعسكري : يعني فرض ذراع القوة مع وجود الهيمنة والإستعلاء .. وهذه الحالة المحتومة عندما يغزو جيش السفياني الدموي أبواب الحرمين ويرمي الكعبة ويدمرها ــ بالصواريخ ــ حسب ما جاء في الأحاديث .. والسفيانى كوكيل لكل الغربيين هو الذي يوكل بمهمة قتال آل النبي محمد عليهم السلام على أبواب الكعبة .. (63).. وهذه أقوال آل البيت وأهل التفسير في معنى قوله تعالى : ” فتظل أعناقهم لنا خاضعين” :
1ــ عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : قال في الآية : ” تخضع رقابهم يعني بني أمية وهي الصيحة من السماء بإسم صاحب الأمر ” .. (64)
وهو عظيم الله في أرضه وخليفته في العالمين سلسل النبوة المهدي الموعود الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ..” لا تذهب الدنيا حتى يلي رجل من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يواطئ اسمه اسمي ” .. (65)
وأجمعت المصادر إنها الخسف بجيش السفياني .
2ــ وفي فتح القدير للشوكاني رحمه الله
: ” وقد أخرج وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : { فلا فوت } قال : فلا نجاة وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله :
{ ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب }
قال : هو جيش السفياني قيل من أين أخذوا ؟ قال : من تحت أقدامهم وقد ثبت في الصحيح أنه يخسف بجيش في البيداء من حديث حفصة وعائشة وخارج الصحيح من حديث أم سلمة وصفية وأبي هريرة وابن مسعود وليس في شيء منها أن ذلك سبب نزول هذه الآية ولكنه أخرج ابن جرير من حديث حذيفة بين اليمان قصة الخسف هذه مرفوعة وقال في آخرها : فذلك قوله عز وجل في سورة سبأ { ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت } الآية وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : { وأنى لهم التناوش } قال : كيف لهم الرد { من مكان بعيد } قال : يسألون الرد وليس بحين رد ” (66(
3ــ وذكر أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط :
” عن ابن عباس ” عليه السلام ” : نزلت هذه الآية فينا ” يعني آل البيت عليهم السلام ..” وفي بني أمية ستكون لنا الدولة عليهم فتذل أعناقهم بعد معاوية ويلحقهم هوان بعد عز ” وقال في تفسير الآية .. “ أي ينزل عليهم أضرارا ، وإنما جعل الله آيات الأنبياء والآية الدالة عليه معرضّة للنظر والفكر ليهتدي من سبق من علمه هداة . ويعمل من سبق ضلاله ومعنى ” آية ” أي ملجئة الى الإيمان يقهر عليه .. وقرأ الجمهور ” فظلت ” ماضيا بمعنى المستقبل لأنه معطوف على من ينزل ” فظلوا لها خاضعين ” فأقحمت الأعناق لبيان موضوع الخشوع ” .. (67)


4 ــ قال القرطبي رحمه الله :” في الجامع لأحكام القرآن :
{إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً } :
أي معجزة ظاهرة وقدرة باهرة فتصير معارفهم ضرورية ॥ ولكن سبق القضاء لتكون المعارف نظرية .. وقال أبو حمزه الثما لي ــ من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ــ في هذه الآية :
” بلغني أن لهذه الآية صوتا يسمع من السماء في النصف من شهر رمضان ، تخرج به العواتق من البيوت وتضج له الأرض ، وهذا فيه بعد ــ أي مستقبلي ــ لأن المراد قريش لاغيرهم ” فظلت أعناقهم لها خاضعين ” قال مجاهد : أعناقهم : كبرائهم وقال : عن أمير المؤمنين علي ــ عن ابن عباس عليهما السلام : ” نزلت فينا وفي بني أمية ستكون لنا عليهم الدولة فتذل لنا أعناقهم بعد معاوية ” ذكره الثعلبي و الغزنوي والله أعلم ” .. (68(
5 ـ وقال العلامة الألوسي في روح المعاني :
” المراد : آية مذهلة لهم كما روي عن قتادة جاز أن يقال بتحقق ذلك
.. ولعل ما روي عن ابن عباس كما في البحر والكشاف في قوله : ” نزلت هذه الآية فينا وفي بني أمية ستكون لنا عليهم الدولة فتذل أعناقهم بعد صعوبه ويلحقهم هوان بعد عزة الى هذا … وعن أبي حمزه الثمالي : أن الآية صوت يسمع من السماء في نصف شهر رمضان . وتخرج له العواتق من البيوت ، وهذا قول بتحقق الإنزال بعد .
وكأن ذلك زمان المهدي رضي الله عنه . (69(
وهذا التفسير يؤكد حتمية الصدام المستقبلي وتحقق إستراتيجية التحرير والمقاومة القدرية مع بني أمية وهم الشجرة الملعونة في القرآن ..يحاربون مهدي الله في قلب الحرم المقدس.. ملعونون من الله والنبي وملائكته وكل آل البيت والصالحين إلا من صلح واتقى.. لايدافع عن مفسديهم إلا منافق خائن لله رسوله … فقد آذوا رسول الله وأغضبوه ولعنوا أبناءه على المنابر في بلاد المسلمين قاطبة حوالي قرن من الزمن !!
{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً }الأحزاب57
6 ــ قال برهان الدين البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور :
” في قوله تعالى : ” ننزل ” : إعلاما بدوام القدرة ، ولما كان ذلك الإنزال من باب القسر والجبروت والقهر قال ” عليهم ” وقال محققا للمراد ” من السماء ” .. فظلت عقب الإنزال من غير مهمله ” أعناقهم ” التي هي موضع الصلابة .. ولكن ذكر الأعناق لأنها موضع الخضوع فإنه يظهر لينها بعد صلابتها وانكسارها بعد شماختها ” والخضوع ” والتطاون والسكوت ذلا وانكسارا ” .. (70(
7ــ وذكر أبو الحسن الماوردي في : النكت والعيون ” تفسير الماوردي ” :
في قوله تعالى : ” فظلت أعناقهم لها خاضعين ” أي انه أراد أصحاب الأعناق الرؤساء ” .. (71(
وذكر مثله الطبري رحمه الله في جامع البيان” .. (72(
8 ــ قال الطبري في السياق :
( الأعناق : الطوائف كما يقال : رأيت الناس الى فلان عنقا واحدة فيجعل الأعناق الطوائف والعصب ويقول : محتمل أن يكون الأعناق هم السادة والرجال الكبراء فيكون كأنه قيل رؤوس القوم وكبراؤهم لها خاضعين ]” .. (73(
وأيد الشوكاني في تفسير الآية : (74)

كما ذكره البغوي في تفسيرا لآية : ” قال : [ جاء القوم عنقا عنقا : أي جماعات وطوائف .] (75)
وهكذا نرى جموع العلماء في شروحا تهم للقرآن في هذه آية أجمعوا أمرهم أن الآية هي وعدا إلهيا .. بزوال السفياني الموعود عدو المهدي الموعود وآل النبي عليهم السلام أجمعين .. وأن أعناقهم ستخضع بالقوة وينتقم الله منهم وشيكا في زماننا .. والحرب المقبلة أصبحت على مرمى حجر في المنطقة والعالم !! وقد شرحنا الموضوع مفصلا في كتابنا المهدي :عليه السلام .. وفي شرحنا عرفنا في الآية أنها من السماء وهي صرخة مدوية ربانية و صوت إعجازي إلهي خارق يقوم به السيد جبرائيل عليه السلام ينبههم فيها عن أوان خروج المهدي الموعود للثورة وفي الأمم لنشر رايات العدل .. وأن السيد جبرائيل على أهبة الاستعداد بجموع ملائكته للتدخل وأن الموضوع أصبح رهن الإشارة من خليفة الله في أرضه والمتلقي عن ربه ،
وأن الثورة الإلهية الروحية أضحت واقعا لا مرد منه .. يحدث السيد جبرائيل عليه السلام صوتا في موسم الحج يقوم بمقام الاستنفار والتعبئة للحجيج خاصة والمسلمين عامة .. وفي رواية صحيحة أن جبرائيل يضع قدمه على الكعبة والأخرى على المسجد الأقصى ويلقي بيانه الأول بكل اللغات . وهو قوله تعالى :
{ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }الشعراء4 .. (76)
8 ــ ذكر الطبرسي في مجمع البيان في شرح الآية الكريمة :
” ذكر أبو حمزة الثمالي في هذه الآية : [ إنها صوت من السماء في النصف من شهر رمضان وتخرج له العواتق من البيوت ، قال ابن عباس : إنها نزلت فينا آل البيت ــ وفي بني أمية ـ قال : " سيكون لنا عليهم الدولة ـ بالمهدي ــ فتخضع لنا أعناقهم بعد صعوبتها وتلين ".. " وما يأتي من ذكرمن الرحمن إلا كانوا عنها معرضين ] .. (77(
9 ــ وقد أيد هذه الوجهة الزمخشري في تفسيره الكشاف.. وذكر أن النهاية ستكون على بني أمية .. ” .. (78(
والخطاب مفتوح من القرآن الكريم الى السفياني الأموي الملعون منذ الأزل وجنده المرتزقة القادمين على أجنحة الدبابات البريطانية والصهيوأمريكية لغزو بيت الله الحرام أسوة بأبرهة الحبشي .. والفيلة هم الفيلة !! والخسف هو الخسف !! أمرا محتوما .. وأن المسألة مسألة وقت لشطب كل معادلة المفسدين في الأرض .. . وروايات أئمة أهل البيت عليهم السلام تؤكد على حقيقة هامه :
: أن السفياني يأتي من الغرب وفي عنقه صليب .
يجئ كما ذكرنا في كتابنا المهدي عليه السلام ” وكيلا استخباريا غربيا ” ونائبا مجرما عن جيوش القتلة الغربيين المتمركزين منذ سنوات في العراق والخليج الإسلامي .. وهم الذين جاؤا بمنهجية واحدة ليس البترول بل لمواجهة ثورة المهدي الوشيكة .. وهم يعدون السيناريوهات العسكرية للحرب الشاملة والقائمة على مكافحة الثورة الإلهية الوشيكة .. ويعبئون الغرب بأفلام معاديه كفيلم نوسترأداموس الزائف !! والقرآن الكريم يرسم سيناريو الحرب الإلهية بالمعجزات والخوارق .. وفي مدخل سورة الشعراء والطواسين . الرمزية ستنفجر معانيها مع كل الفواتح القرآنية وأحاديث النبوة ومصطلحاتها الثورية ترسم ذات الصورة القرآنية .
10 ــ روى صاحب عقد الدرر في أخبار المنتظر :
” عن شهر ابن حوشب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : في المحرم يناد مناد ألا ان صفوة الله في خلقه فلان ــ يعني المهدي ــ فأسمعوا له وأطيعوا في سنة الصوت والمعمعة ” .. (79)
11 ــ وذكر ابن حماد في كتاب الفتن :
” ألا ان أولياء الله أصحاب فلان : يعني المهدي ” .. (80(
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام : قال : ” إذا نادى مناد من السماء أن الحق مع آل محمد فعند ذلك يظهر المهدي ” .. (81(
وهو نداء روحاني يعم جميع الخلائق ويسمع كل أهل لغة بلغاتهم ”
12 ــ قال البرزنجي رحمه الله :
” والنداء غير الصوت بعد خروجه . أي عليه السلام . بعد المهدي . (82(
13ــ و في كتاب عقد الدرر للمقدسي :
" عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال :
” إذا كانت صيحة في رمضان ، فإنه يكون معمعة في شوال ، وتميز في القبائل في ذى القعدة ، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم وما المحرم ” يقولها ثلاثا ” هيهات يقتل الناس فيها هرجا هرجا.. قلنا وما الصيحة يارسول الله ؟ صلى الله عليك وآلك .. قال : هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهن ، في ليلة جمعة
من سنة كثيرة الزلازل فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فأدخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم
ـ نوافذكم ــ ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم ، فإذا أحسستم بالصيحة ، فخروا لله تعالى سجدا وقولوا : سبحان الله القدوس . سبحان الله القدوس ، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل ذلك هلك .. ” (83(
تمت الحلقة الأولى بحمد الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين الأحرار المنتجبين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي أخوكـــم ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفكر الاسلامي التجديدي
الشيخ محمد حسني البيومي
الهاشمـــي
( محمد نور الدين )

**************
أهل البيت عليهم السلام
فلسطين المقدسة

نشرت بتاريخ : 3 رمضان 1431 هجرية

_____________________
مركز دراسات أمة الزهراء "عليها السلام"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق